محمد الأمين الفاضل
من أهم الثوابت التي سيستمر عليها العمل في المرحلة المقبلة، هي أنه لا تراجع عن التهدئة السياسية والحفاظ على الحريات العامة، وترسيخ الديمقراطية، عبر التشاور والحوار والتحسين الدائم، ونعتزم تنظيم حوار أو تشاور يكون شاملا، خلال المأمورية المقبلة.”
المرشح محمد ولد الشيخ الغزواني في خطاب افتتاح الحملة (نواكشوط 14 يونيو 2024).
تعودنا في هذه البلاد أن لا تُنظم الحوارات بين السلطة والمعارضة إلا في فترات الأزمات السياسية أو بعد الانقلابات العسكرية، وتعودنا كذلك أن الدعوات إلى الحوار لا تأتي في الغالب إلا من المعارضة، ومن النادر أن تتحمس الأنظمة الحاكمة للاستجابة لدعوات الحوار التي تطلقها المعارضة من حين لآخر.
مع وصول الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني إلى السلطة في النصف الثاني من العام 2019 انقلبت الأمور رأسا على عقب في هذا المجال، وفي اعتقادي أن هذه العبارة هي الأنسب لوصف ما حصل في هذا المجال، فقد أصبحت السلطة هي من يدعو إلى الحوار ويكرر الدعوة إليه، واللافت أنها تدعو إليه في فترات لا تعيش فيها البلاد أي أزمة سياسية.
فهل سمعتم من قبل رئيسا في السلطة يلتزم في برنامجه الانتخابي بتنظيم حوار مع المعارضة في حالة فوزه بمأمورية جديدة؟
وهل عشتم من قبل تهدئة سياسية بين السلطة والمعارضة، كالتي عشتم خلال المأمورية المنتهية؟
هذا الأسلوب غير المعهود في تعامل الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني مع الخصوم السياسيين فاجأ المعارضة، وهذا السعي الحثيث منه إلى خلق أجواء تهدئة دائمة خلال المأمورية الماضية أربكها، خاصة وأنها لم تتعود منذ بداية التسعينيات من القرن الماضي، وإلى غاية العام 2019 على رئيس يسعى بجد وصدق إلى التهدئة معها.
أفشلت بعض الأطراف في المعارضة التشاور الشامل الذي كان سينظم في منتصف العام 2022، وهو تشاور أراد له الرئيس محمد الشيخ الغزواني أن يكون تشاورا لا يستثني أحدا ولا يحظر أي موضوع، ورفضت أغلب أحزاب المعارضة في منتصف العام 2023 وثيقة “الميثاق الجمهوري”، وهي وثيقة شاملة وكانت ستشكل أساسا لحوار شامل. هكذا ظلت بعض الأطراف في المعارضة ترفض أو تفشل كل مبادرات الحوار التي أطلقت خلال المأمورية المنتهية، ومع ذلك لم يتوقف الرئيس عن الدعوة للحوار، و ها هو اليوم يعد في خطاب افتتاح حملته الانتخابية بتنظيم حوار شامل في المأمورية القادمة.
على المعارضة أن تدرك بأن الصدام مع الأنظمة الحاكمة والحوار مع تلك الأنظمة هما مجرد وسائل وأساليب لتحقيق ما تسعى إليه من مكاسب سياسية ومن مصلحة عليا للوطن، وعلى المعارضة أن تدرك كذلك بأن ما يمكنها أن تحقق من مكاسب لها وللوطن باعتماد أسلوب الحوار مع رئيس يسعى بجد وصدق إلى الحوار لن يكون بمقدورها أن تحققه بأساليب أخرى، لم تعد تمتلك القدرة على استخدامها بشكل فعال ومؤثر.