قيادي سياسي…. حزب الإتحاد من أجل الجمهورية
خرجوا علينا كما كانوا يخرجون.
أرعدوا وأزبدوا كما كانوا يرعدون ويزبدون.
عابوا الشمس وتعهدوا بإحلال النار والجحيم محلها. كما كانوا يفعلون.. و أن يسقطوا السماء علينا كسفا.
سبوا وشتموا كما كانوا يسبون ويشتمون.
كذبوا كما كانوا يكذبون.
ما لهؤلاء الذين يسمون أنفسهم قادة المعارضة الموريتانية، هل تصوروا أنهم قادرون على تغيير قناعات الشعب الموريتاني وإجباره على منحهم حصة ما قسمتها لهم صناديق الاقتراع.
جاء كبيرهم هذه المرة ليفضح نفسه أمام الملأ. جمعوا النساء والأطفال الذين كانوا يمرون في الحي. وقفوا يتفرجون عليه، و هو يسب ويشتم ويقذف و يرهب و يرجف المواطنين و يتوعد النظام الديمقراطي المنتخب بانقلاب يسقطه في ظرف أشهر.
الأسوأ، و الأدعى للشفقة، أن تكشف لنا المعارضة عن حقيقة المنتوجات الخشبية، تلك التي تملئ مسرحها في هذا الزمن الغريب.هكذا أنهى زعماء المعارضة الموريتانية فترة “التحضر” والدعوة للحوار، والإيمان الجزئي المصطنع بالديمقراطية، فخرجوا منها كما يخرج السهم من الرمية وفاجئوا الرأي العام الداخلي والخارجي بحقيقتهم دون مواربة ولا لف ولا دوران. فهم لا يؤمنون بالانتخابات ولا يسعون لغير تغيير الحكم بالأساليب غير الشرعية. لا تبادل سلمي للسلطة في أذهانهم، وكل ما جفت أوعيتهم الشعبية كل ما ارتفع صوت ارتشافهم للطين.
هم هؤلاء الذين طال ما ادعى بعضهم أنه ضد الانقلابات العسكرية وأنه يؤمن بالديمقراطية، خرجوا على العلن مرتين في أسبوع واحد. قام في المرة الأولى رجل طاعن في السن، قبل أن يكون طاعنا في القانون أيضا، ولعل الطعن في السن كالطعن في الحقيقة، و هو أيض`ا من موجبات الطعن في القانون. لم يدخر شيئا من ما يطفح به قاموسه من شتائم و قذف و أباطيل و تبخيس إنجازات نظام لم تمض عليه سوى بضعة أشهر، أنجز خلالها ما لم ينجزه أي نظام في سنوات. ثم أعاد الكرة فطفق مسحا بالسوق و الأعناق متوعدا النظام المنتخب بالبأس و التنكيل و أنه سيسعى هو و رفاقه لإزاحته من السلطة
عنوة بالعنف و القوة .
ثم بالأمس طالعنا قادة المعارضة الموريتانية ب”وثيقة منسقية المعارضة”، المؤرخة ب7 مايو 2010، التي برروا فيها الدعوة لانقلاب عسكري على النظام المنتخب.
وقبل ذلك بيومين فوجئ الرأي العام الموريتاني بالخطاب الشخصي لرئيس الجمعية الوطنية السيد مسعود ولد بلخير الذي افتتح الدورة الجديدة للجمعية الوطنية التي لا يملك فيها سوى 3 نواب من أصل 95 نائبا، بخطاب حزبي أناني لا يفرق صاحبه بين المقاعد و المهام الموكلة إليه. فتحدث وكأنه يخاطب أسرته الشخصية متجاوزا أي إشارة احترام للأغلبية النيابية التي لا يستطيع التشكيك بذرة واحدة في انتخابها رغم تشكيكه في كل شيء.
في “الوثيقة” وفي خطاب رئيس الجمعية الوطنية، صب زعماء المعارضة خلاصة ما توصلت إليه أذهانهم السبعينية من عمى وحقد وعجز وقنوط ويأس، وكأن من يقرأ وثيقة هؤلاء يظنهم زعماء عصابات سياسية لا تقيم وزنا للأخلاق ولا للأعراف الديمقراطية، وليس لديهم سوى الكلام الممجوج الذي تكذبه الوقائع.
حتى أن هؤلاء يستغربون إقامة موريتانيا لعلاقات طيبة مع دولة مثل أذربيجان، لأنها بعيدة. فهل هالهم أن الرئيس الشاب المنتخب قرر مد أذرع الدبلوماسية الموريتانية والخروج بها من محيط الدائرة المغلقة إلى رحاب كل دولة تحترم موريتانيا وترغب في علاقات معها.
ولكن ما هي المبررات. ما هي الحجج التي قدمها قادة المعارضة مقابل تمرير خطابهم الزئبقي إلى شعب حسم للتو معركته الانتخابية واختار الرئيس محمد ولد عبد العزيز لقيادته.
لقد حرص قادة المعارضة، وفي تناوب مرتب، طوال الأسابيع الماضية على محاولة إثبات أنهم موجودون في الساحة السياسية. وأنهم لا زالوا أحياء يرزقون بعد الهزيمة التي ألحقتها بهم جماهير الشعب الموريتاني في يوم 18 يوليو المجيد.
وأمام سيل الانجازات التي تمكن الرئيس محمد ولد عبد العزيز من تحقيقها في ظرف أشهر، لا سنوات، دون سينات ولا تسويفات. منها تسليح الجيش وضبط حدود البلاد لأول مرة، والشروع في توزيع الأراضي السكنية على الفقراء ومد أحيائهم بالماء والكهرباء، ووضع 800 شبكة مائية تحت التنفيذ في جميع أنحاء البلاد، والحصول على تمويلات غير مسبوقة (أكثر من مليار دولار لاسنيم وحدها)، ومن ثم شبكة المشاريع الكبيرة (أكبر ميناء منجمي في المنطقة قيد الانجاز، محطة كهرباء نواكشوط الجديدة، استكمال مشروع أفطوط الساحلي، تمويل عشرات الطرق في نواكشوط والداخل)، و تعميم
علاوتي السكن والنقل، ورفع معدل التغطية الصحية، والشروع في بناء مستشفيات ومدارس، و توزيع المواد الغذائية، ومختلف المساعدات، وعصرنة الإدارة، وفتح وسائل الإعلام لتقول المعارضة ما تشاء، ورفع وتيرة الحرب على الفساد (تم حتى الآن استرجاع قرابة 6 مليارات أوقية من مال الخزينة المسروق…).. هكذا حول الرئيس محمد ولد عبد العزيز موريتانيا إلى ورشة كبيرة للبناء والأمل. أمام كل ذلك لم يكن أمام قادة المعارضة غير صناعة الأباطيل و تشويه الحقيقة و تضليل الجماهير البريئة. لكن أنى للغربال أن يحجب الشمس. فالمنجزات واضحة للعيان لا ينكرها إلا مكابر
جحود. فكأن صوت رحى التغيير و التنمية أربكهم. لكن الرحى هذه المرة يخرج طحينا وليس جعجعة، فسعوا ينفخون فيه لذره في العيون كي يوهموا المواطنين أنه غبارا ليس إلا، لكن الطحين كثير و نفسهم قصير.
لم يجد قادة المعارضة أي دليل يمكنهم من خلاله النفاذ لنقد النظام الحالي غير الجمل التي يحفظونها عن ظهر قلب منذ فقدوا الأمل في مستقبل سياسي: “فقدان الأمن، وارتفاع الأسعار، وفشل الحكومة”. جمل إنشائية تكذبها لغة المشاريع والأرقام والعمل الجاد الجاري بلا ضجيج ولا منة، ذلك العمل الذي يقدره فقراء موريتانيا الذين لم يجدوا قبل الرئيس ولد عبد العزيز لا من يدخل أخبيئتهم ولا من يمد لهم يد المساعدة أحرى تغيير واقعهم. الموريتانيون يعيشون آمنين مطمئنين في بيوتهم، لا يغض مضجعهم سوى أراجيف و تخويف المعارضة من خطر مبهم و موهوم، و المعارضة تقيم
مهرجاناتها و تظاهراتها بكل أمان بالهواء الطلق لا يخافون أن يتخطفهم الناس.
لكن يظهر الحق من حيث قدر له أن يحتجب. فقد اعترف زعيم المعارضة بأن الرئيس محمد ولد عبد العزيز عزيز على قلوب الموريتانيين. لذلك قال إنه من أجل الإطاحة بالنظام يجب الإطاحة به أولا من قلوب الموريتانيين. هكذا. تصوروا زعيم معارضة يقول مثل هذه التصريحات و يعترف بأن رأس النظام الذي يعارضه يستولي على قلوب الشعب. إذن لماذا لا تترك قلوب الشعب وخيارها إن كنت حقا وطنيا وصادقا مع النفس. والصدق مع النفس أولى من الصدق مع الأحلام والأماني.
لقد حكم الشعب الموريتاني ضميره في 18 يوليو 2009، واختار محمد ولد عبد العزيز رئيسا للجمهورية. واليوم تريدون التدخل في قلوب الشعب وتغيير عاطفته بعد أن عجزتم عن تغيير واقعه.
إن لغة المرارة الجديدة التي تطفح بها تصريحات قادة المعارضة مفهومة ولا تحتاج سوى وضع بعض النقاط على بعض الحروف لفهم أسبابها.
يشعر قادة المعارضة بثقل الهزيمة الانتخابية في الرئاسيات حيث عجزوا عن الوصول للشوط الثاني، وخرجوا بنسب عشرية أعادتهم لما قبل التاريخ الانتخابي.
يشعر قادة المعارضة باقتراب أجلهم النيابي مع الهجرة غير المسبوقة في قواعدهم الشعبية نحو الأغلبية الرئاسية، وهم يتذكرون الدرس الثاني في انتخابات التجديد الجزئي لمجلس الشيوخ حيث حصلوا على صفر مقعد.
وأمام تنامي شعبية الرئيس وصدى إنجازاته وقربه من الشعب الموريتاني لا يؤمل بأي حال من الأحوال أن تخرج المعارضة الموريتانية من الانتخابات النيابية السنة القادمة إلا بهزيمة كاملة.
وكل ما كان ينقص قادة المعارضة للخروج من جلدهم غيظا هو مشاهدتهم الإقبال الشعبي الكبير على حزب الاتحاد من أجل الجمهورية.
وأمام هذا الوضع ربما توهم زعماء المعارضة أن ساعة الانتحار قد حانت ولم يبق أمامهم خيار سوى سياسة الأرض المحروقة و استنزاف رصيدهم من التهديد والوعيد، واختلاق معارك جانبية لمشاغلة النظام عن تحقيق الانجازات تلو الأخرى.
ولهذا جاءت المسرحية الهزلية بالتهديد بإسقاط النظام، وكأن بإمكانهم فعل ذلك، أو كان بإمكانهم في أي فترة من تاريخهم.
لقد تناسوا للحظة ربما أنهم ليسوا أكثر من طلاب مرتبات ومحاصصة مما لم يزرعوه.
بعد أن عجزوا عن إسقاط كرسي واحد في انتخابات تجديد الشيوخ، ها هم اليوم يهددون بإسقاط النظام. وكأن من يسمع ذلك قد يظن أن بيدهم حيلة أو وسيلة كانوا يدخرونها.
إنها بحق مسرحية هزلية من المستوى الهابط بتعبير أهل الفن، وخرف ذهني بتعبير أهل الطب، وصدى الضربة القاضية بتعبير أهل الملاكمة، وانتحار سياسي بتعبير أهل السياسة.
مساكين قادة المعارضة الموريتانية ، فقدوا صوابهم ولم يتمكنوا حتى من إتقان فن الدبلجة، فتجاوزوا أبسط حدود اللياقة والمنطق. وصلوا إلى قمة المزايدة والمغالطة ولم يعد أمامهم غير السقوط من ذلك الارتفاع الشاهق للمساومة ليرتطموا بالأرضيات الصلبة. أرضيات اسمها: رفع المرتبات، ومحاربة الفساد، وتوزيع المساكن، والمياه والكهرباء والمستشفيات، والمدارس، وتشييد الطرق، والمصانع، والموانئ، وتسليح الجيش، وتمويل المشاريع، وحماية الحدود، والنجاح الدبلوماسي، والتألق السياسي.
بالمقابل كل ما يمكن قادة المعارضة فعله عندما يئسوا من الوصول للسلطة أو الحصول على جزء منها، هو اللجوء لصناعة الأوهام، والبلبلة، والتهديد، والوعيد، ونشر الأكاذيب، و ترهيب الناس وتخويفهم.
كان القائد المغولي الشهير “جنكيز خان” يقول لقادة جيشه “عليكم بصناعة الخوف، فالخوف هو الأسرع انتشارا”.
إن مما يحز في النفس أن رجالا سبعيين أصبحوا قيمين على مواسم الشتائم والنيل من الأعراض والقدح في النيات. ماذا يقولون للأطفال والنساء الذين يتفرجون عليهم وهم يسبون ويلغون في أعراض الناس والشخصيات والمسؤولين. ثم يصفون غيرهم ب”الأزلام” حين ينتقدهم سياسيا.
لم لا يتحملون القليل من الديمقراطية وحرية التعبير. وهم المتباكون الذين لم تبق لهم دمعة تمساح على الحرية.
حين لا يرون المشاريع الإنمائية والمنجزات إلا باطلا وكذبا، فماذا نسميهم. حين يلجئون للحيلة القديمة بتأليب فئات الشعب وأعراقه على بعضهم البعض ماذا نسميهم.
حين يضيقون بمقال واحد ينتقد سياساتهم، وهم كل يوم يعقدون مهرجانا أو مؤتمرا صحفيا أو يصدرون بيانا تهديديا لخصومهم. ثم يقيمون الدنيا ولا يقعدونها لأنه تم الرد على بعض أباطيلهم. ماذا نسميهم.
حين يعودون إلى تجارة “الغسيل” العرقي والشرائحي والقبلي والجهوي. ماذا نسميهم.
هل يعتقد البعض أنه يملك حصانة ضد النقد. وهو يجرح أعراض الناس.
“أزلام” النظام وغيرها من قاموس السباب والشتائم لا تثير أحدا وعليكم البحث عن مفردات جديدة فقد استنفدت تلك القديمة مفعولها عند الرأي العام، وتعودها منكم، ولم يتعود للأسف غيرها.
إن التطاول على نظام رئيس الفقراء سوء أدب مع الشعب الموريتاني، حتى ولو كان تطاولا لفظيا لأنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتجاوز ذلك.
والذي يمكنه الفعل لا يلجأ للتهديد، فالتهديد سلاح الضعيف كما يقولون. ولا توجد فترة كانت فيها المعارضة الموريتانية أضعف من هذه الفترة. ولهذا فهي تعتقد أن التشويش والشوشرة والمغالطة قد يحجبان الحقيقة، لكن الغربال لا يحجب الشمس.
لا سجون ولا معتقلات في عهد الرئيس محمد ولد عبد العزيز، بل الحرية والحرية وحدها هي الشعار المطبق. فقولوا ما شئتم واكذبوا ما شئتم ولفقوا ما شئتم، واسقطوا ما شئتم، واغضبوا ما شئتم، وتغذوا على الحسد ما شئتم،.. فلكم كامل الحرية في القول والادعاء في التمثيل والدبلجة.. لكن على المنجمين الحذر فبعد شهرين سيظهر أن حبل الكذب أقصر من حقيقة اتهاماتكم.. أما القافلة فهي تسير. ولسان حالها يقول:زعم الفرزدق أن سيقتل مربعا أبشر بطول سلامة يا مربع.