فالسيد يحيى ولد حدمين يتميز بكونه أحد الأطر النادرين في البلد والذين يتمتعون – إلى جانب ميكانيزما القيادة – بمستوى عال من الكفاءة والاطلاع والإحاطة بكل ملفات قطاعه؛ فضلا عن الإلمام الكبير بمختلف جوانب التنمية في البلد.
وهو إلى جانب ذلك، يمتلك عمقا اجتماعيا وجهويا ورصيدا من العلاقات الجيدة مع جميع أنواع الطيف السياسي والاجتماعي في البلد.
لذلك؛ فإن عملية تكليفه هذه – وفي هذا الوقت الحرج من تاريخ الحراك السياسي والاجتماعي في البلد – تدل على ما يتمتع به السيد الرئيس محمد ولد عبد العزيز من فطنة وذكاء ودهاء سياسي أذهل جميع المراقبين.
إننا لا نستطيع إنكار حقيقة أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز أحدث ثورة في البلد من خلال تنفيذ مشاريع ضخمة انعكست بالإيجاب على حياة الفرد؛ فقد نفذ مشاريع عملاقة كثيرة، ليست إعادة تأهيل الأحياء العشوائية وبناء المطار وفك العزلة عن بعض المناطق المهمشة كمثلث الفقر وربط المدن بالبنى الطرقية إلا أمثلة عليها؛ وفضلا عن ذلك استطاع أن يتخلص من الارتهان لإسرائيل من خلال العلاقات المدانة وقام بإنشاء حالة مدنية رائدة وفرض شروطه على المجموعة الأوربية وغير ذلك كثير، بل أكثر من ذلك تحولت البلاد في عهده إلى قبلة للمستثمرين ورائدة في السياسة الدولية وقائدة للمبادرات الإيجابية؛ وهو أول رئيس يخرج إلى المظاهرات الشعبية ويخاطب الناس بعيدا عن الأبراج العاجية؛ فالرئيس محمد ولد عبد العزيز رجل استطاع خلال السنوات الفارطة أن يكتشف مكامن الخلل في البلد ونقاط الضعف؛ وقد وفقه الله للتغلب على تلك الاختلالات بفضل رغبته الصادقة في بناء موريتانيا؛ وقدرته الفائقة على التصور الذهني لاكتشاف البديل؛ وقد كان معالي الوزير الأول الجديد فارس المرحلة من حيث النشاط والديناميكية؛ ومن حيث القدرة الفائقة على مواجهة أسئلة نواب المعارضة بالوقائع والأرقام والإنجازات الشاهدة في قطاعات النقل والطرق والإنشاءات والتجهيز.
ويمتاز الوزير الأول الجديد بقسط وافر من التواضع والبساطة، مكنه من الاستئثار بمحبة جميع من عرفه عن قرب؛ فكثيرا ما تتفاجأ بالرجل في أحد أحياء العاصمة في زيارة عائلية أو رحلة تفقدية؛ يطلع من خلالها على أحوال الناس بأسلوب نادر وفريد في عصر تغولت فيه السلطة وطغت فيه الألقاب المادية بحيث باتت تشكل حاجزا بين الحاكم والمحكوم وبين الراعي والرعية وبين الوزير والمواطن المسكين في بلد اعتاد فيه المسؤول على التزام برجه العاجي وإغلاق مكتبه أمام شعبه والتخندق وراء يافطات ومساحيق المدنية الزائفة.
في هذا الزمن الفارق لم يتلبس السيد يحيى ولد حدمين بتلك الرتوش والمراهم التي تحجب رؤية الفقراء والمعوزين وأصحاب الحاجات؛ فكان رائدا للمبادرات ومبدعا ومبتكرا للمشاريع العملاقة التي تعود بالنفع العام على تلك الشرائح المهمشة، منفذا بذلك – وبكل أمانة توجيهات – رئيس الجمهورية فخامة الرئيس السيد محمد ولد عبد العزيز.
ومع ذلك فهناك بعض العثرات التي تعود في بعض تجلياتها إلى صعوبة منظومة الفساد التي ورثها الرجل ونظامه عن الأنظمة السياسية المتعاقبة؛ والتي يصعب التخلص منها بين عشية وضحاها.
لكن الرجل نجح بحق في تذليل معظم تلك الصعوبات والعراقيل، ولهذا استحق ثقة رئيس الفقراء؛ ونال حظوته ليصبح فارس المرحلة القادمة بكل جدارة.