محمد يحي.. قدم خدماته للجميع ونجا من حكم إعدام القاعدة وقتلته البوليساريو في الصحراء الموريتانية
شمال مالي ـ خاص بصحراء ميديا
شيئا فشيئا تتضح خفايا المعركة التي دارت قبل أيام في منطقة الحنك، داخل الأراضي الموريتانية في أكثر أجزاء الصحراء وحشة، بين مقاتلين من جبهة البوليساريو ومهربين قيل إنهم قدموا تسهيلات لخطف الرعايا الأسبان والإيطالية من مخيم الرابوني؛ العاصمة السياسية لجبهة البوليساريو في الجنوب الجزائري.
العملية الجديدة جاءت محاولة من الجبهة لدرء شبهة التعاون الذي اتهم به بعض عناصرها لتسهيل عملية اختطاف عمال الإغاثة وبيعهم في صفقة لمجموعة جديدة تروم تمويل عملياتها بفدية أخري.
بيد أن القيادة السياسية للجبهة نفت أي ضلوع في العملية، وللتأكيد علي حسن نيتها استدرجت اثنين من اخطر المهربين وأكثرهم خبرة في مسالك الصحراء الكبري لتدور معركة مات فيها الرجلان وجرح آخرون بعد تبادل للنار استمر لبعض الوقت.
وبالعودة إلي عدة أشهر مضت كان محمد يحي؛ وهو عربي مالي يعرف أكثر بشهرته double tête، سجينا لدي تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بزعامة مختار بالمختار، وكان الجميع ينتظر تنفيذ وعد بإعدامه بتهمة التعاون مع استخبارات دول المنطقة، إلا أن محمد يحي ذو الرأسين كتبت له حياة أخري لصلاته الوثيقة بشبكة معقدة من العلاقات تمتد من مخيم الرابوني الي تومبكتو؛ شمال مالي، وحتي موريتانيا؛ كما يري أحد الذين عرفوه عن قرب.
ففي تلك الصحاري الشاسعة ثمة حاجة لكل من يقدم خدمة ، خصوصا عندما تتسع شبكات التهريب التي تشكل عصب اقتصاد ومصالح ذوي النفوذ في المنطقة.. فأفرج عن الرجل ليعود لممارساته القديمة.
لا يتضح الدور الذي لعبه الرجلان اللذان لقيا حتفهما في منطقة الحنك، محمد يحي وصديقه المعروف أكثر بشهرته “روبيو” في خطف الرهائن الأسبان والايطالية، مع الترجيح بتقديمهما خدمات لوجستية لصحراويين من الداخل.
فالاثنان بصحبة ثالث هو عمر الصحراوي؛ المعتقل السابق في موريتانيا، شكلوا الثالوث الأخطر في معرفة مسالك الصحراء، من خلال سبر أغوارها، وربط علاقات بقياداتها المختلفة.
شكل الثلاثة علاقات خاصة مع قياديين في المناطق العسكرية لجبهة البوليساريو، كما ربطا علاقات مع القادة العسكريين في الشمال المالي، وقدما في ذات الوقت خدمات متعددة ومدفوعة الثمن لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، كان أهمها علي الإطلاق خطف الرهائن الكاتلان من الطريق الساحلي الرابط بين نواذيبو ونواكشوط؛ كما هو الحال بالنسبة لعمر الصحراوي، والذي كان للمفارقة البحتة هو من أوصل ذات الرهائن إلى الحدود مع بوركينا فاسو لدي إطلاق سراحهم.
مصادر قبلية في الشمال المالي قالت إن المعركة التي دارت في الحنك جاءت للتخلص من شهود مزعجين أصبح القضاء عليهم ضرورة بعدما عرفوا من الأسرار ما يستوجب التصفية.. وهو ما أكده أحد اللذين يعرفون محمد يحي عن قرب.
كان يمكن لهذه المعركة أن تبقي طي النسيان، مثل المواجهات التي تدور بين الفينة والأخرى في ذلك الامتداد الصحراوي، لولا أن البوليساريو هي من قامت بها في منطقة يفترض أن تبقي منطقة مغلقة من قبل الجيش الموريتاني.. إلا أن الجبهة سارعت لتسريب الخبر لوسائل الإعلام وتسويقه كجزء من الحرب على الإرهاب، فيما لا يعرف إن كانت المجموعة قد تسللت في غفلة من الجيش الموريتاني.
قبيلة الرجل المالي هددت بالانتقام لمقتله، إلا أن العديدين يقولون إن سجل الثأر بين القبائل في ذلك الجزء من الصحراء قد يفسر عمليات الانتقام أكثر من التفسير المتداول اليوم والذي يغلف أية عملية يقوم بها تنظيم مسلح.
المجموعة الجديدة من السلفيين الجهاديين التي أعلنت تبني عملية خطف الرهائن الأوروبيين، مثلها مثل باقي التنظيمات الجهادية، تعول علي خدمة توصيل البضاعة تماماً مثل خدمة توصيل المنازل التي اتخذتها مجموعات كثيرة من الشبان في الصحراء الكبرى، والتي تريد الاغتناء مقابل بيع الرهائن منذ أن بدأت الحكومات الغربية تدفع فديات لقاء تحرير رهائنها.
ويعتقد احد العارفين بالتنظيمات الجهادية في شمال مالي أن المجموعة التي أعلنت عن نفسها أخيرا، والتي تحتفظ بالرهينتين الأسبانيين وزميلتهما الإيطالية، قد ضمن تمويلا ذاتيا حين تبيع الرهائن في عهدتها لمن يدفع أكثر.