أرقام تقديرية تشير الى وفاة 20 شخص.. 7 منهم طلبوا النجدة ولم يسعفهم احد..
الربيع ولد ادوم – نواكشوط
على المنصة القديمة لمرفأ نواكشوط الذي تم بناؤه منذ 50 عاما يقف “جارا” وهو الرجل السبعيني، يتنسم هواء المحيط، لا يعكر صفوه وسكينته سوى كونه شاهدا على الكثير من قصص الموت غرقا لكثير ممن سقطوا من حافة المنصة أو أمسكهم الموج وهم يمارسون السباحة.
يوم الأحد بالتحديد من كل أسبوع له ذكريات مؤلمة عند الرجل وعند الكثير ممن اتخذوا من شاطئ نواكشوط مكانا للتطلع الى أرزاقهم وقوت عيالهم، بات هذا اليوم لحظة انتظار لجثث قد يقذفها البحر بعد أيام من غرق أصحابها.
“يوم الأحد في الغالب، يكون أهل الشاطئ على موعد مع حداد جديد، حيث يقذف البحر جثة غرق صاحبها منذ أيام” يقول البحار.
يوم 22 أكتوبر شكلت حادثة غرق طفلين، نكسة لعمال البحر حيث تسبب تأبين الطفلين على شاطئ نواكشوط جروحا لا تندمل في قلوب البحارة، رغم رؤيتهم لأهوال البحر الكثيرة، “موت طفلين يصرخان طلبا للنجدة هو حالة تعلق بذهنك وتوقظك من النوم” يقول سالم-35 عاما وهو بحار ومنقذ غرقى على شواطئ نواكشوط.
بعد نهب الحاجز الرملي لشواطئ نواكشوط، وفي ظل غياب وحدات الإنقاذ وقوارب النجدة، باتت شواطئ المحيط الأطلسي مقبرة لكل من يقترب دون ان يكون مسلحا بقانون الموج الذي يتعذر فهمه، وبالنسبة لـ “حياتو ولد الناجي-بحار” فإن (الكثيرين لا يفهمون أن سكون البحر لا يعني انه هادئ، بل ان أمواجه تتصارع في الأسفل، لذلك فهو يبدو كصياد مخادع، يتخطف من ينزلون للسباحة، وحينها يصعب إنقاذهم رغم ان الشباب المتطوعين لإنقاذ الغرقى في الميناء يحاولون دوما تقديم المساعدة بقدر المستطاع).
لا يختلف الأمر عند شاطئ الصيادين، فهنالك أيضا يموت البشر غرقا، المشكلة دوما بالنسبة للبحارة، “غياب خفر السواحل والحماية المدنية والإرشادات على الشاطئ، وقد رحل على شواطئ نواكشوط هذا العام أكثر من 20 شخصا 7 منهم طلبوا النجدة وماتوا وهم يصرخون، لتقذفهم الأمواج بعد أيام وقد افترستهم الحيتان..!”.
وعلى الرغم من أن هذه الاتهامات بالمسؤولية التقصيرية موجهة بالأساس الى الجهات الرسمية، فان إدارة شاطئ الصيادين وقوة الدرك الموجودة عند المرفأ القديم، تحاولان بقوة إطلاق تحذيرات للحيلولة دون السباحة في الأماكن أو الأوقات الخطأ.
في شاطئ الصيادين، تطلق قوة الدرك المرابطة عند البوابة تحذيرات للسياح وعشاق البحر بعدم محاولة السباحة، وعدم التمشي على حافة المنصة القديمة لأنها بدون حواجز، كما ان إدارة شاطئ الصيادين ترفع الراية الحمراء للتنبيه الى حالة هياج البحر وحذر السباحة، فضلا عن ترخيص عرفي للبحارة المنتشرين على طول الشاطئ بمنع المتنزهين من السباحة في أوقات هياج البحر او في الأماكن الخطرة.
الوافي أحد اشهر المنقذين على شواطئ نواكشوط، له قصص مؤلمة مع أشخاص استنجدوا به فعجز عن إنقاذهم وهو يراهم يبتعدون وتبتلعهم أمواج المحيط، ويعلق وهو يتذكر تلك القصص: ( انها لحظات قاسية، عندما تشاهد شخصا يستنجد وانت غير قادر على إنقاذه، عادة يطلب الناس النجدة حين يكونون قد ابتعدوا عن الشاطئ.. يكونون قد غرقوا بالفعل”.
بالنسبة لوافي فان تزايد أعداد الغرقى بات ظاهرة خطيرة، تستلزم القيام بخطوتين على وجه السرعة: (تشكيل فرقة خفر سواحل قوية ولديها إمكانات لرعاية الشواطئ وتفعيل دور الحماية المدنية، وتكوين بعض الشباب للتحسيس حول مخاطر السباحة في أوقات هياج البحر او في الأماكن الخطرة التي يجب تحديدها بإشارات حمراء).