أعلنت الحكومة الموريتانية، اليوم الثلاثاء، إعفاء عدد من القيادات الأمنية وتعليق مهام والي ولاية كيدي ماغا، وذلك على خلفية حادثة نبش قبر وقعت في مدينة سيليبابي، أثارت موجة من الغضب والاستياء الشعبي.
وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يُظهر تجمعاً في إحدى المقابر بمدينة سيليبابي، حيث قام بعض الأشخاص بنبش قبر وإخراج جثمان المتوفى، في مشهد اعتبره كثيرون انتهاكاً صارخاً لحرمة الموتى، وأثار موجة من التنديد الواسع.
وأفاد شهود عيان أن الحادثة جاءت بدعوى أن المتوفى “غير مسلم”، وأنه “لا يجوز دفنه في مقابر المسلمين”، وهو تبرير وصفه العديد من المعلقين بأنه “مجرد ادعاء” لا يبرر بأي حال من الأحوال انتهاك حرمة القبور. كما عبّر البعض عن استغرابهم من صمت السلطات المحلية إزاء الحادثة.
وبعد مرور أربع وعشرين ساعة على الواقعة، أعلنت وزارة الداخلية تعليق مهام والي كيدي ماغا، وإعفاء كل من المدير الجهوي للأمن الوطني، وقائد السرية الجهوية للدرك الوطني، وقائد التجمع الجهوي للحرس الوطني في الولاية من مناصبهم.
وأوضحت الوزارة، في بيان صدر مساء اليوم، أن رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني وجّه بفتح تحقيق شامل في ملابسات الحادثة، شارك فيه وزراء الدفاع والداخلية وقادة الأجهزة الأمنية.
وأضاف البيان أن التحقيق جرى بناءً على تعليمات مباشرة من الرئيس، وأسفر عن اتخاذ إجراءات تأديبية تهدف إلى تعزيز الانضباط والمساءلة داخل المؤسسات الإدارية والأمنية، وترسيخ دولة القانون.
وقد لقيت هذه القرارات ترحيباً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اعتبرها ناشطون دليلاً على سرعة استجابة الدولة ومصداقيتها في محاسبة المسؤولين عن التقصير.
وفي هذا السياق، قال الإعلامي لمين خطاري إن الدولة التي تحترم سيادتها لا تقبل بنبش القبور فوق أراضيها، ولا تسمح بتمرير خطاب التطرف والظلام. وأضاف في تدوينة على “فيسبوك” أن “الأمن الديني والاجتماعي يبدأ من احترام آدمية الإنسان”، مشيراً إلى أن ما حدث لا يمت بصلة لقيم المواطن الموريتاني ولا لعقيدته المالكية الأشعرية، ولا لنهج الاعتدال الذي تتبناه البلاد.
من جانبه، رأى الصحفي شنوف ماليكوف أن قرار الإعفاء يحمل رسائل قوية يجب أن يفهمها كل مسؤول، مشدداً على ضرورة استخلاص الدروس من “رسالة كيدي ماغا”.
كما ثمّن المستشار الإعلامي لحزب الإنصاف، محمد الخليفة ولد محمد أحمد، قرارات السلطات العليا، واصفاً إياها بالخطوة الجريئة والشجاعة التي تؤكد جدية الدولة في ترسيخ قيم القانون، ومحاسبة كل من يقصّر في أداء واجبه، مهما كانت رتبته أو موقعه.
وأكد ولد محمد أحمد أن هذه الإجراءات تعبّر عن احترام الدولة لحقوق المواطنين، وصون هيبتها، مشدداً على أن “الوطن فوق الجميع، ولا يصح إلا الصحيح”.