عقد البرلمان الموريتاني أمس الثلاثاء، واحدة من أهم وأطول جلساته المفتوحة منذ انتخابه قبل عام، استمرت لأكثر من 12 ساعة، انتهت بالمصادقة على ميزانية الدولة للعام المقبل، رغم النقاش المحتدم حول العلاوات.
تعد جلسة مناقشة الميزانية، بالنظر إلى حجم تغطيتها واتساع دائرة متابعيها، فرصة يستغلها النواب للتعبير عن مواقفهم السياسية من قضايا الساعة، واستعراض عضلاتهم أمام ناخبيهم، وتأكيد مواقفهم؛ معارضة أو موالية للسلطة.
ولكن تلك المواقف غابت عن جلسة الأمس، فلم تحضر أهم قضية سياسية تشغل الرأي العام الموريتاني، حين لم نسمع أي حديث عن أزمة حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم، التي تحولت إلى توتر في العلاقة بين الرئيس الحالي وسلفه.
يقول أحد النواب لـ «صحراء ميديا» إن غياب الحديث عن التطورات السياسية الأخيرة «غير منسق ولا مبرمج»، قبل أن يضيف: «أعتقد أن انشغال النواب بالميزانية، والشائعات التي انتشرت على الفيسبوك، حول علاوات النواب والمعلمين، هي التي شوشت على الجلسة وشغلت المشاركين فيها عن السياسة».
لقد كان الفيسبوك حاضراً بقوة في هذه الجلسة البرلمانية، خاصة من خلال التعاطي مع موضوع الميزانية، والنقاش الدائر حول رفض النواب لعلاوات لصالح المعلمين، وفي نفس الوقت المصادقة على علاوات لأنفسهم، أمر أثار موجة غضب عارمة في الفيسبوك ويبدو أن هذا الغضب أثر بشكل كبير على مجريات الجلسة.
وكتب الدكتور الشيخ ولد سيدي عبد الله حول الموضوع: «شخصيا؛ مازلت لم أجد إجابة عند أي من النواب السابقين والحاليين للأسئلة التالية: ماهو العمل المضني الذي، يستحق النائب زيادة الراتب عليه؟».
وقال أحد النواب في تصريح لـ «صحراء ميديا» إن ما يدور في الفيسبوك هو مجرد «شائعات»، مؤكداً أن النواب لم يقترحوا زيادة رواتبهم أو منحهم أي علاوات، وإنما جاء ذلك ضمن مقترح تقدمت به وزارة المالية وتمت المصادقة عليه في جلسة أمس، وليس قبل أيام كما تم تداوله في الفيسبوك، على حد تعبيره.
ولكن رواد الفيسبوك ينتقدون على النواب مصادقتهم على مقترح زيادة رواتبهم أو منحهم علاوات، في حين رفضوا مقترحات أخرى تمنح علاوات للمعلمين، أمرٌ لم تجد «صحراء ميديا» أي رد عليه.
لم يتوقف حضور الفيسبوك عند التعاطي مع مضامين الميزانية ومواقف النوبا منها، وإنما كانت هذه الجلسة هي أول جلسة يتم بثها مباشرة على الفيسبوك، وهو عمل قامت به «منصة» أعلن عنها البرلمان كبديل لقناة البرلمانية التي عصفت بها الخلافات مع قناة «الموريتانية».
لقد نجحت المنصة في نقل فعاليات الجلسة عبر الفيسبوك، رغم انقطاعات متكررة في البث، تعود إلى الهبوط المتكرر في قوة خدمة الانترنت التي توفرها شبكات الاتصال الثلاث، وفق ما أكد مصدر من داخل البرلمان لـ «صحراء ميديا».
بالإضافة إلى البث على الفيسبوك، شهدت جلسة مناقشة الميزانية أول تجربة للترجمة الفورية باللهجات الوطنية (الحسانية، البولارية، السونينكية، الولفية)، وذلك في إطار محاولة لتعزيز مستوى اللحمة الوطنية.
ولكن محاولة الترجمة الفورية واجهت بعض المشاكل، تتعلق باحترافية المترجمين الذين تم انتدابهم للقيام بالمهمة، وهو ما نبه إليه بعض النواب، وهو ما رد عليه رئيس البرلمان الشيخ ولد بايه بالقول إنها هذه مجرد محاولة أولى وسوف يستمر تعزيزها وتطويرها، متعهداً باكتتاب مترجمين محترفين.
وأمام إطلاق خدمة الترجمة الفورية إلى اللهجات الوطنية، تم التخلي عن الترجمة الفورية إلى اللغة الفرنسية، فيما كانت الوثائق الرسمية التي توزع على النواب متوفرة باللغتين العربية والفرنسية.