تسلم الرئيس السنغالي ماكي صال من الوزير الأول الفرنسي إدوارد فيليب، مساء اليوم الأحد، سيف الحاج عمر الفوتي، لتنتهي رحلة السيف الإسلامي التي بدأت عندما نقله الفرنسيون عام 1894 إلى بلادهم، كذكرى الانتصار على «المجاهد الفوتي» الذي أقام واحدة من أشهر وأكبر الإمارات الإسلامية في غرب أفريقيا.
جرى تسليم السيف المحمل بالتاريخ بحضور ممثلين عن أسرة الحاج عمر الفوتي، وعدد من الشخصيات الدينية والسياسية والدبلوماسية، وكانت اللحظات عاطفية جداً، خاصة اثناء الخطاب الذي ألقاه الرئيس ماكي صال في ختام الحفل.
ماكي صال قال: «إنه يوم تاريخي» مؤكداً أن استعادة الكنوز التاريخية الأفريقية التي توجد بحوزة فرنسا محل مطالبة واسعة من طرف الأفارقة، إلا أن عودة هذا السيف تحمل الكثير من المعاني والدلالات، واصفاً قرار الرئيس الفرنسي بـ «الشجاع».
وحول رمزية السيف قال ماكي صال: «نعم، الرمزية قوية، بما تحمله من معاني عاطفية، لأن السيف كما هو معروف أكثر من مجرد سلاح، فعلى مدى عصور وحتى يومنا كانت السيوف ترمز لمعاني الفخر والجمال، الأبهة والنبل».
ويضيف الرئيس السنغالي أن «الكثير من العظماء جعلوا من السيوف رفيقهم الذي يفارقهم، وهؤلاء الرجال العظماء مثل سيوفهم لا تموت ذكراهم أبداً، يتحدّون الزمن بما يتركون من أعمال، وهذا ما قام به الحاج عمر تال، نسرُ هالوار».
تسلم الرئيس السنغالي السيف من الوزير الأول الفرنسي، قبل أن يسلمه لوزير الثقافة السنغالي الذي سلمه بدوره لمدير متحف الحضارات السوداء بالعاصمة دكار، الأستاذ حمادي بوكوم الذي قال: «إنها المرة الثالثة التي يعيرون لنا سيف الحاج عمر الفوتي، المرة الثالثة التي تعيرنا فرنسا شيئا تعود ملكيته لنا».
ولكن مدير المتحف استدرك بفرحة: «لا شك نحن سعداء اليوم، لأنها هذه المرة رحلة دون عودة، السيف سيبقى هنا»، وفق تعبيره.
السيف الذي خاض به الحاج عمر الفوتي العديد من المعارك في إطار توحيد مملكة «التوكلور» الإسلامية، كما واجه به المستعمر الفرنسي لسنوات طويلة، حصل عليه الكولونيل الفرنسي لويس أرشينارد، بعد حملة عسكرية قادها ضد نجل الحاج عمر الفوتي عام 1893، ونقل في العام الموالي إلى فرنسا.
ويقول الباحث الموريتاني سيد أحمد ولد الأمير: «كان الفرنسيون قد شنوا نهاية القرن التاسع عشر حربا ضروسا ضد جيوش الحاج عمر الفوتي، ممثلة في ابنه وخليفته أحمدُ بن الحاج عمر. وفي 6 أبريل 1890 دخل الجيش الفرنسي بقيادة الجنرال أرشينار مدينة سيگو عاصمة الدولة العمرية الفوتية، وأزاحوا آخر معلم من معالمها».
وأضاف الباحث الموريتاني أن الفرنسيين «صادروا جميع ممتلكات الحاج عمر، بما في ذلك سيفه وآثاره ومكتبته، وهي مكتبة زاخرة بالمخطوطات العربية وتضم 518 عنوانا، وقد تم إيداعها في المكتبة الوطنية بباريس (قسم المخطوطات الشرقية) سنة 1892م».