غادر محمد ولد عبد العزيز الحكم في موريتانيا، وأصبح يحمل صفة « الرئيس السابق »، ولكنه ما يزال يستحوذ على اهتمام الموريتانيين، فالرجل الذي حكمهم لأكثر من عشر سنوات، كان مثيراً في وصوله إلى الحكم وأكثر إثارة في الخروج منه.
بسلاسة كبيرة سلم ولد عبد العزيز المهام إلى الرئيس المنتخب محمد ولد الغزواني، وخرج بهدوء من بوابة القصر دون أي حراسة من طرف الحرس الرئاسي، لقد توجه إلى مكان في العاصمة نواكشوط، لم يعلن عنه.
وفيما كان الرئيس الجديد يستقبل ضيوفه في مكتبه بالقصر الرئاسي، توارى ولد عبد العزيز عن الأنظار، ليقضي أول ليلة له خارج الحكم في شقق سكنية تقع في محيط قصر المؤتمرات، في مقاطعة تفرغ زينه.
لقد اختار الرجل أن يقضي ليلته تحت حراسة وحدات من الأمن الرئاسي، تحرس هذه الشقق منذ أكثر من عشر سنوات، أي منذ أن خصصت لاحتجاز الرئيس الأسبق سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله، بأوامر مباشرة من ولد عبد العزيز نفسه.
لقد جرت مياه كثيرة تحت الجسر منذ ذلك الوقت، وبقيت هذه الشقق ممسكة بظهر قصر المؤتمرات، وكأنها تنتظر لتتلقف الخارجين من بوابة القصر الرئاسي، كمحطة مؤقتة قبل عودتهم إلى أروقة الحياة العادية.
مع بداية يوم الجمعة كان ولد عبد العزيز يستعد للسفر، فقضى معظم الساعات الأولى من الصباح لتحضير نفسه وعائلته، إذ أكدت مصادر « صحراء ميديا » أنه سحب جواز سفره وجواز حرمه من سفارة إحدى الدول الغربية، حصل منها على تأشيرة لدخول هذه الدولة.
فيما أفادت مصادر أخرى لـ « صحراء ميديا » أن ولد عبد العزيز وحرمه سيتوجهان إلى هذه الدولة الغربية، ولكن بعد المرور بمدينة اسطنبول التركية التي سيقضيان فيها فترة علاج لن تكون طويلة.
وكانت مصادر مطلعة أخرى قد أكدت أن ولد عبد العزيز سيتوجه إلى بريطانيا ليقضي فيها عدة أيام، قبل أن يواصل باتجاه ألمانيا حي سيقضي فترة نقاهة طويلة.
إلا أن المؤكد هو أن ولد عبد العزيز غادر نواكشوط على متن رحلة تجارية عادية لطائرة تركية، عند منتصف ليل الجمعة/السبت، متوجهة إلى اسطنبول عبر العاصمة الجزائرية.
وأكدت مصادر خاصة لـ « صحراء ميديا » أن الرئيس السابق صعد على متن الطائرة رفقة عدة سيدات من ضمنهن حرمه وبناته، فيما شحنوا كمية كبيرة من الأمتعة، على حد وصف شاهد عيان في المطار.
قبل ذلك بساعات، وفيما كانت الأنباء تتضارب بخصوص أسفاره، كان ولد عبد العزيز ينهي استعداداته بكل هدوء، قبل أن يتوجه إلى أحد مساجد تفرغ زينه القريبة من قصر المؤتمرات، لأداء صلاة الجمعة، أكد شهود عيان أنه وصل إلى المسجد يرتدي زياً تقليدياً ومن دون أي حراسة، وأدى صلاته وسط العامة.
وأضاف أحد الشهود العيان أن بعض المصلين تحلقوا حول الرجل بعد نهاية الصلاة، وأغلبهم كانوا يسلمون عليه ويحيون قراره بتسليم السلطة لرئيس منتخب، قبل أن يغادر الرجل عائداً إلى محل إقامته المؤقتة في شقق قصر المؤتمرات.
غادر ولد عبد العزيز نواكشوط فجر اليوم السبت، تاركاً البلد الذي حكمه لأكثر من عشر سنوات، ولكن المؤكد أنه حجز تذكرة العودة، فالرجل سبق أن أكد في أكثر من مناسبة أنه لن يغادر البلاد، وأنه سيخرج من الحكم ولكنه لن يترك موريتانيا.