وجه أعضاء في مجلس الشيوخ الأمريكي « الكونغرس » رسالة إلى كريستين لاغارد، المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، وجهوا فيها انتقادات حادة لنظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز الحاكم في موريتانيا، وطالبوا الصندوق بالتراجع عن منح موريتانيا قرضاً بقيمة 163,9 مليون دولار أمريكي، كانت قد تمت الموافقة عليه.
الرسالة التي تسلمتها لاغارد، موقعة بتاريخ 05 مارس 2018 من طرف ستة أعضاء في الكونغرس، وصفوا بـ « المتنفذين »، وهم: توماس غاريت، مارك ميداوس، غاس بيليراكيس، سكوت بيري، جيف دونكان، لي زيلدين.
وقال أعضاء الكونغرس في رسالتهم مخاطبين لاغارد: « نعبر لك عن قلقنا حيال الموافقة الأخيرة من طرف صندوق النقد الدولي على قرض بقيمة 163,9 مليون دولار لصالح الجمهورية الإسلامية الموريتانية »، وأشاروا إلى التغريدة التي كتبتها لاغارد بعد لقاء مع مسؤولين موريتانيين، حين كتبت على تويتر: « صندوق النقد الدولي مستعد لمواصلة دعمه في كل ما يخص تحسين الظروف المعيشية للسكان في موريتانيا ».
وعلقت الرسالة على التغريدة بالقول إنه « بالنظر إلى الفساد المستشري في موريتانيا، والحصيلة البشعة في مجال حقوق الإنسان، نحن متخوفون من أن هذا الاتفاق لن يساهم في تحسين المستوى المعيشي للموريتانيين، ولن يخدم سوى المصالح الخاصة للرئيس محمد ولد عبد العزيز، ونظامه الوقح ».
وتطرقت الرسالة إلى ما اعتبرته نوعاً من « الفساد » المستشري في موريتانيا، وقالت إنه « في تقرير صادر عام 2017 عن شيربا، وهي مجموعة فرنسية مختصة في محاربة الفساد، ورد أن موريتانيا تعد الآن من ضمن البلدان الأكثر فساداً في العالم »، كما أشارت الرسالة إلى أنه بحسب منظمة الشفافية الدولية فإن موريتانيا مصنفة في الرتبة 142 من أصل 176 بلداً.
وأضافت الرسالة أن تقرير شيربا تحدث عن « عقود مزيفة » و« رشاوي » و« ممارسات تؤدي لنهب الأموال العمومية »، وهو ما قالت الرسالة إنه « يمنع أي أفق حقيقي للتنمية الاجتماعية وتحسين مناخ الأعمال » في موريتانيا.
من جهة أخرى تحدثت الرسالة عن وضعية حقوق الإنسان في موريتانيا، وقالت إنها « مثيرة للقلق » في ظل النظام الحالي، وأشارت في هذا السياق إلى أن موريتانيا « كانت آخر بلد يقضي على العبودية، وقد تم تجريم هذه الممارسة في عام 2017 فقط »، قبل أن تستدرك أنه « للأسف ما تزال شبكات العبودية منتشرة »، وقالت إن 20 في المائة من سكان موريتانيا يرزحون تحت العبودية.
وأشار أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي في رسالتهم إلى تقرير صادر عام 2017 عن وزارة الخارجية الأمريكية يقول إن « هنالك نقصاً أساسياً في الإرادة التي يصاحبها مجهود جاد ومدعوم من أجل محاربة العبودية الوراثية »، وفق نص التقرير الأمريكي، ولكن الرسالة تضيف أنه « على الرغم من هذه التقارير، وتقارير أخرى عديدة، يواصل نظام الرئيس عزيز تجاهل وجود العبودية ».
وفي سياق الوضع السياسي في موريتانيا، قالت الرسالة إن ولد عبد العزيز « بصفته رئيساً قرر حل مجلس الشيوخ، وأمر باعتقال الناشطين، ورفض دخول مجموعات تدافع عن حقوق الإنسان إلى الأراضي الموريتانية، كما استخدم التعذيب وسجن قادة المعارضة من دون مبررات ».
وأضافت الرسالة أنه « مع اقتراب نهاية ولايته الرئاسية الثانية، تكشف تقارير أن الرئيس عزيز يرغب في خرق الدستور الذي يحد عدد المأموريات الرئاسية، من أجل البقاء في السلطة »، معتبرة أن ذلك يهدد الأمن في موريتانيا.
وفي نهاية الرسالة قال أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي إن صندوق النقد الدولي عندما وقع اتفاقية القرض مع موريتانيا كتب أن « موريتانيا ستواصل تحسين مناخ الأعمال بالإضافة إلى حكامة المؤسسات، وستعمل على توسيع نطاق الأمن الاجتماعي »، ولكن الشيوخ الأمريكيين علقوا في رسالتهم بالقول إنه « من الصعب فهم كيف لنظام قائم على الفساد وانتهاك حقوق الإنسان أن يحقق أهداف هذا الاتفاق ».
وخلصوا إلى القول مخاطبين لاغارد: « إننا ندعوك إلى استخدام الرفع المالي بخصوص هذا القرض من أجل ضمان تحسن حقيقي للمستوى المعيشي للموريتانيين »، وختموا رسالتهم بالقول إنه « إذا واصل الرئيس عزيز تشجيع مناخ غير مساعد لاحترام المعايير الدولية، فإننا نطلب منك بكل احترام أن تفسخي الاتفاق حتى لا يكون صندوق النقد الدولي متواطئ مع نظام عزيز »، وفق نص الرسالة.
وكان المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي قد وافق في 6 ديسمبر 2017 على عقد اتفاق مع موريتانيا مدته ثلاث سنوات في إطار التسهيل الائتماني الممدد بقيمة 163.9 مليون دولار أمريكي، لدعم البرنامج الوطني للإصلاح الاقتصادي والمالي.
وهي الاتفاقية التي اعتبرها الجانب الموريتانية مهمة لتحقيق التنمية ودعم الخطط الحكومية في هذا الإطار، كما أكد مسؤولون موريتانيون أنها تؤكد ثقة المؤسسة الدولية في الاستراتيجيات التنموية المعتمدة في موريتانيا.