نددت الكتل البرلمانية المعارضة في موريتانيا، امس الجمعة، ببيان قالت إنه نشر باسم الجمعية الوطنية دون علمها أو استشارتها، ووصفت الخطوة بأنها “خرق للأعراف البرلمانية وتجاوز غير مسبوق”.
وقالت الكتل، في بيان مشترك، إن إصدار أي بيان باسم البرلمان يجب أن يكون نتيجة نقاش بين الفرق البرلمانية، أو يُعتمد من خلال الهيئات المختصة، بعد مناقشة تتيح لكل طرف توضيح موقفه.
وأضاف البيان أن البرلمان لم يسبق له أن أصدر بيانًا للرد على أحد أعضائه، مشيرًا إلى أن النقاشات والردود بين النواب تُترك للرأي العام لتقييمها.
ووصف نواب المعارضة البيان بأنه حلقة جديدة ضمن “سلسلة من التراجعات في العمل البرلماني”، تشمل عرقلة مساءلة الحكومة، وتعطيل قناة البرلمان، ومحاولات تقييد حرية النواب من خلال تعديلات على النظام الداخلي.
وكانت الجمعية الوطنية قد أصدرت، يوم الخميس، بيانًا نفت فيه ما ورد في تصريحات النائب كادياتا مالك جالو، والتي اتهمت فيها البرلمان بـ”التضييق على العمل البرلماني”، ووصفت الجمعية تلك المزاعم بأنها “غير دقيقة” و”لا تستند إلى الواقع المؤسسي”.
وأوضحت الجمعية أن النائب تقدمت بطلب استجواب بشأن ترحيل مهاجرين غير نظاميين، لكن مؤتمر الرؤساء، وهو الهيئة المختصة ببرمجة الجلسات، طلب منها تحويله إلى سؤال شفهي، لعدم استيفائه شروط الاستجواب وفق النظام الداخلي.
وأضافت الجمعية أن النائب استجابت للطلب وسحبت الاستجواب طوعًا، قبل أن تصدر بيانًا تندد فيه بالإجراء، وهو ما وصفته الجمعية بأنه “مفاجئ وغير مبرر”.
وأكد البيان أن آليات الرقابة البرلمانية ما تزال قائمة، وتشمل الأسئلة الشفوية والكتابية، والاستجوابات، والتحقيقات، وأن العمل البرلماني يتم في إطار احترام النصوص القانونية المنظمة.
رصاصة على الحريات
من جهتها، وصفت النائب عزيزة جدو، عن حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل)، البيان الصادر باسم الجمعية الوطنية بأنه “رصاصة أُطلقت على ما تبقى من الحريات في البلاد”، معتبرة أنه يعكس تراجعًا جديدًا في العمل البرلماني.
وقالت بنت جدو في مقابلة مع صحراء 24، إن الحريات في موريتانيا تتعرض للتضييق بشكل عام، وما تبقى منها كان يمارسه النواب، قبل أن يصادره هذا البيان، بحسب تعبيرها.
وأبدت استغرابها من صدور بيان باسم الجمعية الوطنية للرد على نائب، واعتبرت ذلك سابقة في تاريخ البرلمان الموريتاني.
وتساءلت: “من يملك الصلاحية لإصدار بيان باسم البرلمان؟”.
وأكدت النائب أنه إذا كان البيان صادراً عن مكتب الرؤساء، فكان من الضروري مناقشته داخليًا قبل نشره. وإذا صدر عن رئيس الجمعية، فهو – بحسب تعبيرها – “يمثل نفسه وليس البرلمان”، وفي حال كان صادراً عن فريق برلماني، فإن ذلك “لا يخول له التحدث باسم الجمعية الوطنية”.
وشددت النائب على أن البرلمان مؤسسة ذات هيئات وصلاحيات محددة، ولا يحق لأي جهة تجاوزها أو إصدار بيانات باسمه دون تشاور أو توافق.
وقالت بنت جدو إن فرق المعارضة لم تُستشر بشأن البيان ولم تُبلغ به مسبقًا، معتبرة ما حدث تجاوزًا صريحًا للأعراف البرلمانية، وأشارت إلى أن المعارضة ردّت عليه بوسائلها المعتادة.