ينعقد منذ أمس السبت اجتماعا استثنائيا لحزب تكتل القوى الديمقراطية، في جو من الانقسام غير مسبوق في تاريخ واحد من أعرق أحزاب المعارضة الموريتانية، وسط بيانات وتسجيلات من رئيسه أحمد ولد داداه تارة تدعم المؤتمر وأحيانا تؤجله.
حين كانت الضبابية تجتاح المقر المركزي للحزب، حيث ينعقد المؤتمر الاستثنائي بغياب قيادات في الحزب رافضة له، حضر أحمد ولد داداه فيما يشبه المفاجأة التي لم تكن متوقعة، فالرجلُ كان قبل ساعات قد أصدر بيانًا يؤجل المؤتمر، ليزيد بذلك الضبابية والغموض حول مستقبل الحزب.
فور وصول ولد داداه، علت فرحة غير مفتعلة وجوه الحاضرين، وارتفعت الهتافات باسمه كزعيم تاريخي ورئيس للحزب لا جدال في شرعيته، ولكن مع الوقت بدأت تظهر مشاعر العتب على محاولة اختطافه من طرف “طرف آخر”.
كان بعضُ الحاضرين لا يخفون مشاعر العتب، ويقولون بكل صراحة إنهم يرفضون ما سموه «انفراد طرف به ويستغله في الصراع والانقسام الحاصل».
قرارات متناقضة
قبل ساعات من انعقاد المؤتمر، نشر مقطع مصور من ولد داداه يقول فيه إن المؤتمر المنعقد «غير شرعي وليس ملزما للحزب».
هذا التصريح أثار جدلا كبيرا داخل المؤتمر، إذ اقترح البعض إما أن يعتبروا ولد داداه رئيسا وقراراته كلها ملزمة وإما اختيار المواجهة والمضي في الاجتماع، وفي الأخير اتفقوا على مواصلة المؤتمر.
وقال رئيس اللجنة المكلفة بالتحضير للمؤتمر محمد عبد الله ولد اشفاغه لـ«صحراء ميديا» إن اللجنة شكلها ولد داداه بمبادرة «شخصية منه وأوكل لها عقد المؤتمر ولم يصلها أي قرار منه بتأجيل أو إلغاء، وكلما صدر من بيانات غير ملزم لها».
وأكد أن المكتب التنفيذي متمسك «برمزه أحمد ولد داداه، بصفته زعيما للحزب وكاتبا لتاريخ موريتانيا المجيد، لكن الجماعة التي على صلة مباشرة به لا تنسق مع الحزب ولا تستشيره في شيء».
وأضاف أن الهدف من هذا المؤتمر هو محاولة للتغلب «على كل المشاكل التي يعيشها، وهي بسيطة جدا خصوصا أن كل المكتب متشبث بالحزب، وبمعارضته».
إصلاح الحزب
خلال حضور ولد داداه مجريات المؤتمر الاستثنائي، قالت القيادية في الحزب النانه بنت شيخنا مخاطبة ولد داداه، إنه لابد من «استرجاع مكانة الحزب».
بنت شيخنا انتقدت ما سمته «غياب الحزب عن التمثيل الوطني والمحلي، وهذا غير طبيعي»، داعية إلى إصلاح يعيد الحزب لمكانته.
وأضافت مخاطبة ولد داداه: «نحن ندرك أنكم انشغلتم في الفترة الأخيرة بقضايا أسرية خاصة، لكن خلفكم لم يكن في المستوى المطلوب، إذ لم يتشاور معنا في شيء».
الزعيم المحايد
ولد داداه خلال لقائه بالمؤتمرين، أكد أنه يدعم «مبادرة المكتب التنفيذي للحزب، ويساند كل مخرجاته وتوصياته المرتقبة».
وأضاف أنه يقف على مسافة واحدة من طرفي النزاع داخل الحزب؛ مشيرا إلى أنه لن يدعم أي أحد على حساب مصلحة الحزب.
وطالب من المجتمعين «تشكيل لجنة مكلفة بصياغة بيان ختامي» مقترحا أن يقرأ البيان في اجتماعي رسمي بحضوره شخصيا غدا منتصف النهار.
بداية الأزمة
في الثامن عشر من الشهر الحالي صدر بيان بتوقيع أحمد ولد داداه يدعو لمؤتمر استثنائي للحزب، السبت 23 من نفس الشهر، لكن أحداثا سريعة جرت في الأسبوع الأخير زادت من حدة الانقسام والتوتر داخل واحد من أبرز الأحزاب المعارضة في البلاد.
يرى مراقبون أن ما يجري في الحزب من صراع ليس وليد هذه الأحداث الأخيرة بل هي حالة سائدة منذ أشهر، لكن المؤتمر كان اللحظة التي برز فيها الخلاف للعلن.
طرفا الصراع يتمثلان في المكتب التنفيذي وفي بعض الشخصيات القيادية الأخرى في الحزب.
وبعد دعوة ولد داداه للمؤتمر صدر بيان باسمه معلنا تأجيل الاجتماع، لكن المكتب نفى ذلك وبعد لحظات نشرت صور مقر الحزب مغلقا أمام ولد داداه وأعضاء المكتب.
بعدها مباشرة توجه ولد داداه والأعضاء إلى مقر فرعي للحزب وعقدوا اجتماعا قرروا فيه، تأجيل المؤتمر إلى 30 من مارس الحالي وتشكيل لجنة للتحضير له.
وبعد حضور ولد داداه وإعلان دعم المؤتمر، يترقب الرأي العام في موريتانيا البيان المتوقع غدا الاثنين ومخرجاته، وماذا سيقرر المؤتمرون بشأن الحزب.