وقعت الحكومة الموريتانية مع ثلاثة أحزاب سياسية، ليل الخميس/الجمعة، اتفاقًا سياسيًا حمل اسم “الميثاق الجمهوري”، يهدف إلى تجاوز الخلاف السياسي حول نتائج الانتخابات التشريعية والمحلية والجهوية التي نظمت شهر مايو الماضي، وشككت المعارضة في نتائجها.
وقع الاتفاق السياسي وزير الداخلية واللامركزية محمد أحمد ولد محمد الأمين، ممثلًا عن الحكومة، ورئيس حزب الإنصاف الحاكم محمد ماء العينين ولد أييه، ورئيس حزب تكتل القوى الديمقراطية أحمد ولد داداه، ورئيس حزب اتحاد قوى التقدم محمد ولد مولود.
وقال الموقعون: “نعلن عن إبرام هذا الاتفاق لإرساء تفاهم سياسي، وطني، جمهوري وديمقراطي، يدعى الميثاق الجمهوري”.
وتخلفت عن توقيع “الميثاق الجمهوري” بقية أحزاب الأغلبية والمعارضة، رغم أنه ينص في مادته السادسة على أنه “مفتوح أمام جميع الأحزاب السياسية الراغبة في الانضمام إليه”.
وقدم الاتفاق المذكور “خارطة طريق” تتكون من ثمانية نقاط، قالت فيها الأطراف الموقعة إنها تمكنت من “التغلب في هذا الظرف الدقيق على خلافاتنا، خدمة للمصالح العليا للبلد، وتجنبا للمخاطر التي قد يتعرض لها جراء الانقسامات العقيمة والهدامة بين مكونات الطبقة السياسية”.
كما تحدثت خارطة الطريق عن “القيام على وجه الاستعجال بدراسة معمقة لمنظومتنا الانتخابية، وإذا اقتضى الحال الشروع في الإصلاحات المناسبة بما يعزز نظامنا الديمقراطي، بغية تجاوز الوضع المترتب عن الانتخابات الأخيرة وضمان تفادي أي خلاف انتخابي في المستقبل”.
وأشارت الخارطة إلى “إصلاحات” لصون الوحدة الوطنية، ستتم ضمن “إطار وطني شامل يطبعه التشاور، على شكل ورشات”.
وخلصت خارطة الطريق إلى تشكيل “لجنة للتوجيه والمتابعة، تتألف من ممثلين عن الأطراف الموقعة، للسهر على تنفيذ هذا الاتفاق في أجل لا يتجاوز شهرين من تاريخ توقيعه”.
وضم الميثاق الجمهوري ملحقًا، جاء في 18 نقطة، شملت إصلاح المنظومة الانتخابية واستحداث “آلية ذات مصداقية” لحل ملفات حقوق الإنسان والمظالم العالقة.
كما شمل الملحق دعوة إلى تفعيل وتطبيق المنظومة القانونية التي تجرم الممارسات الاسترقاقية والعنصرية وغير المنصفة في حق الفئات المغبونة، وكذا الخطابات المحرضة على العنف والغلو والتطرف والعنصرية والكراهية.
وتطرق الملحق إلى تكريس التنوع الثقافي للبلد، وتطبيق مبدأ تكافؤ الفرص بين عموم أفراد الشعب، ومحاربة ارتفاع الأسعار، وإصلاح عقاري يهدف إلى النهوض بالزراعة، وترقية اللامركزية والحكم الرشيد، وتطبيق مخرجات المشاورات الوطنية حول إصلاح التعليم، وتطبيق مخرجات المشاورات الوطنية حول إصلاح العدالة.
وشملت نقاط الملحق أيضًا الفصل الصارم بين الوظائف السياسية والوظائف الفنية، من أجل النأي بالإدارة العمومية عن المعترك السياسي والتنافس خلال الانتخابات، حسب نص الميثاق.
وتطرق الملحق إلى النهوض بالأحزاب السياسية وبالقطاع الخاص والمجموعات المحلية والمجتمع المدني والصحافة والنقابات، بالإضافة إلى تنظيم حوار اجتماعي مستديم بين الشركاء الاجتماعيين.
ودعا ملحق الميثاق الجمهوري إلى “وضع استراتيجية وطنية متكاملة لحماية الأطفال والشباب من تعاطي المخدرات ومن الانحراف والعنف، والعمل على معالجة البطالة والتصدي لظاهرة هجرة الشباب”، كما دعا إلى “توفير المزيد من التمكين لصالح النساء والشباب وذوي الاحتياجات الخاصة”.
وفي الأخير دعا الملحق إلى “إنشاء صندوق سيادي يمول من إيرادات المحروقات، ويخدم التنمية الاقتصادية المستديمة والمتوازنة للبلد، ويحافظ على مصالح الأجيال القادمة”، هذا بالإضافة إلى “رصد واستنهاض الخبرات والكفاءات والاستثمارات لدى جالياتنا في الخارج لصالح الوطن”.
ويأتي توقيع الميثاق السياسي بعد أربعة أشهر على الانتخابات التشريعية، وعلى بعد أقل من عام من الانتخابات الرئاسية، ووقع عليه اثنان من أعرق أحزاب المعارضة، هما تكتل القوى الديمقراطية واتحاد قوى التقدم، مع أنهما فشلا في نيل أي مقعد برلماني في الانتخابات الأخيرة.
وكان الحزبان قد تصدرا مظاهرات أحزاب المعارضة الرافضة لنتائج الانتخابات الماضية، ووصفاها بأنها مزورة ويتوجب إلغاؤها.