صادر الانقلابيون في دولة الغابون حقائب تحتوي على مليارات من فرنك وسط أفريقيا، قالوا إنهم عثروا عليها في القصر الرئاسي، وتحديدًا في مكتب السيدة الأولى سيلفيا بونغو أونديمبا، ومكتب نجل الرئيس نور الدين فالانتاين.
وكان الانقلابيون الذين وضعوا الرئيس علي بونغو أونديمبا قيد الإقامة الجبرية وأحالوه إلى التقاعد، فجر الأربعاء الماضي، قد اعتقلوا عددًا من المقربين من الرئيس المطاح به، وفي مقدمتهم نجله نور الدين، الذين كان يقدم على أنه “وريث الحكم” في الغابون.
اعتقالات وتهم
طالت الاعتقالات بالإضافة إلى نجل الرئيس، شخصيات أخرى عديدة، ولكن أهمها ثلاثة مواطنين من كوريا الجنوبية، من بينهم سكرتير مكتب السيدة الأولى، كما اعتقل أيضًا مدير ديوان نجل الرئيس يان غيسلين انغولو.
واعتقل الجيش أيضًا عبدول حسيني، المستشار الخاص للرئيس بونغو، وجيسي إيلا إكوغا وهو أيضًا مستشار خاص للرئيس والناطق الرسمي باسمه، بالإضافة إلى ستيف نزوغو ديكو، الأمين العام للحزب الديمقراطي الغابوني الحاكم.
وحسب بيان الجيش، فإن المعتقلين وجهت إليهم تهم عديدة، من أبرزها الخيانة العظمى ضد مؤسسات الدولة، واختلاس أموال عامة على نطاق واسع، واختلاس مالي دولي من قبل عصابة منظمة، والتزوير واستخدام التزوير، وتزوير توقيع رئيس الجمهورية، والفساد والاتجار بالمخدرات، بالإضافة إلى غسيل الأموال.
اعترافات
نشر الانقلابيون صورًا لعشرات الحقائب، جميعها من الحجم الكبير، كانت مليئة برزم الأموال، عثر عليها في القصر الرئاسي، وتحديدًا في مكاتب السيدة الأولى ونجل الرئيس.
وأثناء تحقيق فتحه الجيش الغابوني، قال المواطن الكوري الجنوبي الذي يعملُ سكرتيرًا لمكتب السيدة الأولى إن الأموال تابعة لما سماه “الخلية المالية” في مكتب السيدة الأولى.
وأضاف السكرتير أن الخلية هي التي كانت تجلب الأموال، وأفرادها هم وحدهم من يعلم مصدرها، مشيرًا إلى أنه لا يعرف المبلغ الإجمالي للأموال.
وظهر المواطن الكوري الجنوبي في صور داخل مكتبه، وحقائب مليئة برزم الأموال بالقرب منه، كانت جميعها من فئات ورقية صادرة عن بنك دول أفريقيا الوسطى.
أموال الحملة
من جهة أخرى نشرت صور لمدير ديوان نجل الرئيس يان انغولو، وهو قيد التحقيق، وبجانبه أكثر من عشرة حقائب كبيرة مليئة بالأموال، فيما قدر المبلغ بأكثر من أربعة مليارات فرنك أفريقي.
وخلال التحقيق معه قال انغولو إنها “أموال الحملة الانتخابية الرئاسية” التي نظمت الأسبوع الماضي في الغابون، وفاز بها الرئيس علي بونغو، رغم احتجاج المعارضة واتهام السلطات بتزوير النتائج.
بالإضافة إلى حقائب الأموال التي عثر عليها في مكاتب نور الدين فالانتاين، عثر المحققون على عشرات السيارات الفاخرة التابعة لنجل الرئيس.
وفي حديثه مع المحققين، قال انغولو إنه لا يعرف حجم الأموال، مؤكدًا أنها كانت موجودة في مكتب نور الدين فالانتاين.
الوريث المعتقل
ظلَّ نور الدين فالانتاين، حتى يوم الأربعاء الماضي، هو الرجل الأقوى في الغابون بصفته أكبر أبناء الرئيس المريض علي بونغو، وهو البالغُ من العمر 31 عامًا فقط، فقد ولد عام 1991 حين كان جده عمر بونغو يحكم الغابون.
وحين وصل والده إلى الحكم بعد وفاة جده عام 2009، كان نور الدين قد بلغ 18 عامًا، ولكنه بقي خارج دائرة الضوء، منشغلًا بدراسته في واحدة من أعرق المدارس البريطانية (إيتون كوليدج)، قبل أن يدرس العلوم السياسية في جامعة لندن.
كان أول ظهور له حين برز اسمه بقوة بعد إصابة والده عام 2018، بجلطة دماغية أقعدته لعدة أشهر، ظل خلالها مختفيًا عن الأنظار، وأضعفت من صحته، وكان تأثيرها قويًا على صلابة حكمه.
بعد ذلك بعام قرر علي بونغو تعيين نجله منسقًا للشؤون السياسية في القصر الرئاسي، وهو ما اعتبر آنذاك تمهيدًا لأن يرث الحكم، بعد وفاة والده، خاصة وأن مرسوم تعيينه نص على أنه “يساعد والده في تدبير شؤون الدولة”.
خلال تلك الفترة كان نور الدين هو المسير الفعلي لكثير من صلاحيات والده، معتمدًا أيضًا على والدته، السيدة الأولى القوية.
ولكن الانقلاب العسكري الذي قاده الجيش، أطاح بأحلام الشاب الغابوني الذي عاش طفولته والغابون يحكمها جده، وحين أصبح شابًا كانت تحت حكم والده.
كانت ثاني خطوة للانقلابيين بعد احتجاز الرئيس، هي اعتقال نور الدين بونغو فالانتاين واقتياده إلى السجن، فيما قال محامو السيدة الأولى، اليوم الجمعة، إنه “محتجز في مكان غير معلوم”.