أعلنت مجموعة من قيادات حزب اللقاء سابقًا، اليوم الاثنين، الاستقالة الجماعية من حزب الإصلاح، بعد عامين من حل حزبهم والاندماج في حزب الإصلاح.
وقالت المجموعة في بيان صحفي، إن سبب الاستقالة هو “خلافات بينة في التصور والمنهج والممارسة”، مشيرة إلى أنه “تعذر تصحيحها”.
ووقعت على البيان مجموعة تتكون من 16 شخصية، يرأسها المحامي محفوظ ولد بتاح، وهو الرئيس السابق لحزب اللقاء قبل حله، ونقيب سابق للمحامين، ووزير سابق للعدل في المرحلة الانتقالية (2005 – 2007)، وأحد أبرز وجوه المعارضة خلال حكم الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز.
وقالت المجموعة في بيانها: “كان يحدونا طموح كبير في إرساء وتأسيس كيان سياسي متميز، قادر على إعطاء الصورة النموذجية المطلوبة من الأحزاب السياسية.. وفعلا فقد توافدت منذ الوهلة الأولى لانضمامنا للحزب المذكور أفواج المنتسبين إليه، جماعات وفرادى”.
ولكن المجموعة عادت لتشير في بيان الاستقالة إلى أن “خلافات بينة في التصور والمنهج والممارسة، أفرزها واقع الحزب، أدت بنا بعد أن تعذر تصحيحها، إلى إعلان استقالتنا اليوم من كافة مناصبنا ومواقعنا وارتباطاتنا نحن وقواعدنا وقوائم منتسبينا من حزب الإصلاح متمنين للجميع التوفيق والسداد”.
تفويض وتفاوض
مجموعة حزب اللقاء السابق، وهي تنسحب من حزب الإصلاح الناشط في ائتلاف أحزاب الأغلبية الرئاسية، أشارت إلى استعدادها للتشاور مع بقية الأحزاب للتنسيق معها.
وقالت إنها نظرًا لما سمته “حساسية المرحلة ودقتها” فإنها “تفوض” رئيسها محفوظ ولد بتاح “بالتنسيق والتشاور مع الأحزاب والقوى السياسية التي تقاسمنا المبادئ والقيم والأهداف الوطنية، سبيلا إلى كسب رهانات المرحلة والتحديات الماثلة”.
وأعلنت المجموعة أنه سيتم “تنظيم تجمع جماهيري تعلن فيه الخيارات والتوجهات المستقبلية”، وفق نص البيان.
وفيما بدا أن المجموعة تستعد للانخراط في حزب سياسي جديد، لم تكشف أي معطيات حول ذلك التوجه، وإنما تركت الباب مفتوحًا أمام جميع الاحتمالات.
عامان ونصف
في الخامس من أغسطس 2020، ضمن الاحتفال بالذكرى الأولى لتنصيب ولد الغزواني رئيسًا للبلاد، أعلن “حزب اللقاء الديموقراطي الوطني” الاندماج في “حزب الإصلاح”، الذي يرأسه محمد ولد أحمد سالم ولد طالبن.
وقال ولد طالبن آنذاك إن “عملية الإصلاح تحتاج الإيمان الصادق والحكمة، لذلك انتقى الحزب المصادر البشرية القادرة على تحمل المسؤولية”.
أما ولد بتاح قد أكد خلال الحفل أن “قرار قيادتي الحزبين القاضي باندماجهما في حزب واحد، يعبر عن خيارهما الجماعي بتغليب المصلحة الوطنية على النوازع الشخصية”.
وأضاف ولد بتاح آنذاك أن القرار كان “خطوة سياسية تشكل مناسبة لدعوة كافة الفاعلين في الطيف الحزبي وخارجه، الداعمين لرئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني للالتحاق بالحزب”.
وقال ولد بتاح إن السنة الأولى من حكم ولد الغزواني “قربت الآمال وأبعدت المخاوف”، على حد تعبيره.
من جانبه قال حزب اللقاء في آخر بيان يصدر عنه، معلقًا على قرار الاندماج، إنه “جاء بعد تطابق الرؤى حول القضايا الوطنية بين الحزبين”.
بعد الانسحاب
في بيان الانسحاب أعلنت “مجموعة اللقاء”، حسب ما سمّت نفسها، أن قرار “الانضمام” لحزب الإصلاح “استغرق بحثه قرابة السنة، وبإلحاج متواصل من القائمين عليه (حزب الإصلاح)”.
وأشارت المجموعة إلى أنها كانت تأمل من وراء القرار “بناء صرح سياسي مؤسسي، يستقطب النخب الوطنية المؤمنة بالديمقراطية، والحريصة على الوحدة الوطنية”.
كما عبر عن أملها وقت الانضمام في أن ينجح الحزب في استقطاب النخب “الطموحة لشعبها والجادة في تجسيد برنامج فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، من كافة أطياف ومشارب شعبنا الكريم وجهات وطننا الحبيب”.
اندماج بعد الحل
يأتي اندماج حزب اللقاء في الإصلاح، بعد قرار صادر عن وزارة الداخلية بحله ضمن مجموعة أخرى من الأحزاب بموجب القانون المنظم للأحزاب، الذي ينص على أنه “يتم بقوة القانون حل كل حزب سياسي قدم مرشحين لاقتراعين بلديين اثنين، وحصل على أقل 1 في المائة من الأصوات المعبر عنها في كل اقتراع، أو الذي لم يشارك في اقتراعين بلديين اثنين متتاليين”.
ولكن ولد بتاح قال آنذاك في تصريح لـ “صحراء ميديا” إن قرار وزارة الداخلية بحل حزبه “تعسفي”، نظرا لمشاركة الحزب في انتخابات واحدة، وقال إن حزبه شارك في الانتخابات الماضية فقط، بينما قاطع انتخابات 2013 بقرار سياسي صادر عن المعارضة آنذاك.
لكن ولد بتاح الذي حصل حزبه على أقل من 1 في المائة خلال انتخابات 2018، يرى أنه غير مشمول بهذا القرار هو وعدة أحزاب معارضة أخرى، قاطعت انتخابات 2013.
وأكد ولد بتاح آنذاك أنه بصدد اتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة القرار.
الظرف الانتخابي
تزامن قرار مجموعة “اللقاء” مع حراك سياسي تعيشه الساحة الموريتانية، وخاصة أروقة ائتلاف أحزاب الأغلبية الرئاسية، استعدادا للانتخابات التشريعية والمحلية والجهوية، المرتقبة في غضون أشهر قليلة.
ورغم أن بيان استقالة المجموعة، لم يشر إلى أي علاقة بين قرار الاستقالة والتحضير للانتخابات المقبلة، إلا أن قوائم الترشيحات تثير الكثير من اللغط داخل الأحزاب السياسية في الموالاة والمعارضة.
وكانت منسقية أحزاب الأغلبية الرئاسية قد عقدت مساء الخميس الماضي اجتماعًا دوريًا، ناقش “الوضعية السياسية الراهنة، في ظل التحضير للانتخابات النيابية والجهوية والبلدية المقبلة”، وفق ما أعلن حزبُ الإنصاف الحاكم.
وتشير مصادر إلى أن تعليمات صدرت لأحزاب الأغلبية الرئاسية بالعمل على قوائم ترشيح توافقية، تفاديًا لحدوث أي تصدعات داخل معسكر الأغلبية، وقطعًا للطريق أمام “ظاهرة المغاضبين”، على حد تعبير مصدر مطلع.