قال الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، في خطاب ذكرى عيد الاستقلال اليوم السبت، إن الشباب هو «المعول عليه بالدرجة الأولى» من أجل «بناء دولة مزدهرة، ذات تنمية شاملة مستديمة».
وأضاف ولد الغزوانيمخاطبا الشباب الموريتاني في خطابه: «أنتم، أيها الشباب، قلب أمتنا النابض. أنتم عماد حاضرها وعدة مستقبلها».
وفي بداية خطابه بمناسبة ذكرى الاستقلال التي تحل غدا الأحد، قال ولد الغزواني: «لا يسعني هنا، إلا أن أهنئ قواتنا المسلحة، وقوات أمننا، على جهودها الجبارة، في الذب عن استقلال الوطن وسيادته، وصون أمنه واستقراره».
وتوجه ولد الغزواني بالتحية في الوقت نفسه إلى «كافة أبناء شعبنا الذين ساهموا، جيلا بعد آخر، في تحرير بلادنا وتأسيس الدولة الموريتانية الحديثة، والدفع بها على طريق التطور والنماء».
وقال إن «الوفاء لتضحيات هؤلاء جميعا، يستلزم منا، دوام شحذ الهمم، وشد العزائم في سبيل بناء دولة مزدهرة، ذات تنمية شاملة مستديمة»، قبل أن يشدد على أن «المعول عليه في ذلك، بعد الله سبحانه وتعالي، هو، بالدرجة الأولى، شبابنا العزيز».
ولكن الرئيس الموريتاني أضاف في السياق ذاته مخاطبا الشباب الموريتاني: «إن قناعتي لراسخة بأن النهوض ببلدنا، موقوف على نجاحنا في أن نوفر لكم تعليما ذا جودة عالية، وتكوينا مهنيا ناجعا، وأن نمكنكم من ولوج سوق العمل والمشاركة في صنع القرار على مختلف المستويات».
وأوضح أن الهدف من مشاركة الشباب في صنع القرار هو «الاستفادة القصوى من طاقاتكم الإبداعية، كفاعل أصيل، عليه معقد الأمل فيما نسعى إلى تحقيقه من تطور وتنمية وازدهار».
وكان ولد الغزواني قد تعهد في برنامجه الانتخابي بخلق 100 ألف فرصة عمل خلال مأموريته الرئاسية الأولى، تجاوبا مع أسماه في برنامجه الانتخابي «مطامح الشباب المشروعة».
وفي خطابه عشية ذكرى عيد الاستقلال الـ 61، قال ولد الغزواني إن جهود الحكومة خلال الفترة الأخيرة انصبت على «تحقيق العدالة الاجتماعية، بمكافحة الفقر، والهشاشة، والغبن، والإقصاء، وعلى بناء تنمية شاملة مستديمة».
وأضاف: «قد تمكنا في هذا الصدد من تحقيق العديد من الإنجازات الهامة»، منتقدا في السياق ذاته وتيرة تنفيذ بعض المشاريع التي وصفها بأنها «غير مرضية»، مشيرا إلى أن «ثمة نواقص وصعوبات على بعض المستويات. لكننا مدركون لها، وعاكفون على تصحيحها».
وقال: «أعدكم، مجددا، أنه سيتم بعون الله، إنجاز ما تعهدنا لكم به، على الرغم من الظروف الاستثنائية التي نعيشها، والعالم، بأسره، منذ أكثر من سنتين».
وحول عمل الحكومة خلال الفترة المقبلة، أكد ولد الغزواني أن التركيز سيكون على «إرساء حكامة رشيدة، وعلى محاربة كل أشكال الفساد».
واعتبر الرئيس الموريتاني أن «الفساد، بطبيعته، مقوض لدعائم التنمية، بهدره موارد الدولة، وتعطيله المشاريع عن تحقيق أهدافها، وإخلاله بالعدالة التوزيعية للثروة، وهتكه قواعد دولة القانون، بما يضعف ثقة الأفراد فيها، ويصيب النسيج الاجتماعي في الصميم».
ولكن ولد الغزواني أوضح قائلا: «نحن لا نريد لمحاربة الفساد أن تكون مجرد شعار، أو أن تتحول، هي نفسها، إلى فساد، بالانتقائية، وتصفية الحسابات، والوقيعة في أعراض الناس دون قرينة أو دليل»، مشيرا إلى أنه يريد لمحاربة الفساد أن تكون «عملا مؤسسيا فعالا، تصان به موارد الدولة، وينال به المفسدون جزاءهم طبقا للنصوص السارية المفعول».
وأكد أن نظامه سيعمل على «تعزيز استقلالية السلطتين، القضائية والتشريعية، وتحديث مدونة الصفقات العمومية، وكذلك على تكثيف نشاط أجهزة الرقابة والتفتيش، بنشر فرقها في كل المؤسسات العمومية والقطاعات الوزارية».
وأضاف: «سنرتب، فورا، على التقارير الصادرة عنها كل ما تقتضيه».
وحول حصيلة عامين من الحكم، قال ولد الغزواني إنه عمل على «توفير حزام أمان اجتماعي، للطبقات الهشة» لتخفيف آثار جائحة كورونا، مشيرا إلى أن أكثر من مليون وثلاثمائة ألف شخص استفادوا من «الدعم الغذائي والنقدي المباشر»، وتم دمج مائة ألف أسرة في «نظام التحويلات النقدية المباشرة»؛ وتوزيع أكثر من ملياري أوقية في إطار عمليات برنامج «تكافل» المختلفة، ومنح تأمين صحي شامل لمائة ألف أسرة فقيرة، أي ما يقدر بستمائة وعشرين ألف شخص.
وأضاف في السياق ذاته أنه «تم إنجاز 145 شبكة مياه، وحفر 265 بئرا إرتوازيا، وتجهيز 195 بئرا بمعدات الطاقة الشمسية»، وهو ما كلف قرابة 11 مليار أوقية قديمة، واستفادت منه 447 قرية في مختلف ولايات الوطن.
وبخصوص الكهرباء، قال ولد الغزواني إنه «تم توسيع الشبكات في 100 بلدة، ومواصلة تشييد خطوط عالية الجهد لربط نواكشوط بنواذيبو ونواكشوط بازويرات، ونواكشوط بجمهورية السنغال الشقيقة، وإقامة شبكات جهد متوسط وجهد منخفض في المناطق الشرقية والجنوبية».
وقال في ختام خطابه: «لقد تمت كل هذه الإنجازات والكثير غيرها، مما لم يتسع المقام لذكره، في مناخ سياسي هادئ ومسؤول، حرصنا على توفيره منذ اللحظات الأولي، بالانفتاح على أطياف مشهدنا السياسي والمجتمعي كافة، وعلى التداول معها حول كبريات القضايا الوطنية».
وخلص إلى التأكيد على أن «التحضير الجاري لإطلاق تشاور وطني جامع، لا إقصاء فيه لأحد، ولا حظر فيه لموضوع، لمؤشر على أن سنة الانفتاح والتداول المسؤول، بدأت تترسخ تدريجيا، في بلادنا، كنهج أساس للتعاطي مع الشأن العام».