كشفت مصادر قانونية مختصة لـ « صحراء ميديا » عن وجود مادة قانونية جديدة، تمت المصادقة عليها في شهر فبراير الماضي من طرف البرلمان الموريتاني، تفتح باب « الترحال السياسي » أمام نواب الجمعية الوطنية، وتلغي هذه المادة الجديدة التعديلات القانونية التي منعت الترحال السياسي بموجب حوار وطني نظمته السلطات الموريتانية عام 2011 مع بعض أحزاب المعارضة.
وأوضحت هذه المصادر أن الأمر يتعلق بقانون نظامي رقم 06-2018، عرضته الحكومة على البرلمان مطلع العام الجاري وصادق عليه الأخير، وتم نشره في الجريدة الرسمية ليدخل حيز التنفيذ منذ فبراير الماضي.
ويُدخل القانون النظامي الجديد بعض التعديلات على القانون النظامي رقم 029-2012 الصادر بتاريخ 12 أبريل 2012، ومن أبرز هذه التعديلات إلغاء (المادة 22) التي تمنع الترشحات المستقلة والترحال السياسي، واستبدالها بمادة جديدة ثبتت منع الترشحات المستقلة ولكنها حذفت الفقرة المتعلقة بالترحال السياسي.
وتوجه أحد محرري « صحراء ميديا » اليوم الأربعاء إلى مقر الجريدة الرسمية حيث حصل على نسخة من عددها الصادر بتاريخ 28 فبراير 2018، والذي تضمن القانون النظامي المذكور، وتقول المادة الجديدة بحسب ما ورد في الجريدة الرسمية:
المادة 22 (جديدة): تتم الترشحات باسم الأحزاب السياسية المعترف بها قانونا. ويجب أن تحرر التصريحات بالترشح على رأسية الحزب السياسي. ويجب أن توقع من قبل المترشحين أنفسهم بحضور الممثل المحلي للجنة الوطنية المستقلة للانتخابات وتتضمن:
- الصفة المعطاة للائحة عند الاقتضاء
- أسماء وألقاب وأعمار ومساكن المترشحين
- اسم الممثل المدعو بالوكيل
على كل مترشح لانتخابات النواب أن يودع الخزينة العامة كفالة بمبلغ 10000 أوقية.
ولا ترد هذه الكفالة إلا للمترشحين أو اللوائح التي حصلت على أكثر من 3 في المائة من الأصواب المعبر عنها.
وبحسب نص المادة فإنه قد تم حذف الفقرة المتعلقة بمنع الترحال السياسي التي أضيفت بموجب حوار بين السلطة وبعض أحزاب المعارضة، وكان هذا الحوار قد انتهى بإصدار « وثيقة اتفاق سياسي » تضمنت مادة تمنع الترحال السياسي على أصحاب المناصب الانتخابية، وتقول هذه المادة: « يفقد كل منتخب (شيخ، نائب، مستشار بلدي) مقعده في حال استقالته من تشكيلته السياسية، أثناء مأموريته (الترحال السياسي) ويتم الشروع على الفور في إجراءات شغل منصبه ».
وبموجب هذه الوثيقة السياسية اقترحت الحكومة تعديلاً على الأمر القانوني رقم 028-91 الصادر بتاريخ 7 أكتوبر 1991 المعدل، والمتضمن للقانون النظامي المتعلق بانتخاب النواب في الجمعية الوطنية، ليصادق البرلمان عام 2012 على قانون نظامي جديد تضمن فقرة في المادة 22 تقول إن أي عضو في الجمعية الوطنية استقال من حزبه السياسي يفقد منصبه وتبدأ إجراءات اختيار خلف له على الفور.
ولكن ما لفت انتباه المصدر الذي تحدث لـ « صحراء ميديا » هو أن فتح باب الترحال السياسي لن يستفيد منه سوى أعضاء الجمعية الوطنية (البرلمان)، فيما سيبقى مغلقاً في وجه أعضاء المجالس البلدية والجهوية، وأربعة نواب هم ممثلو الجاليات الموريتانية في الخارج.
وفي هذا السياق قال المصدر إن البرلمان صادق شهر فبراير الماضي على قانون نظامي رقم 07-2018، يرتب هذا القانون الجديد آليات انتخاب النواب الممثلين للموريتانيين في الخارج، وقد تضمنت المادة السادسة من هذا القانون فقرة تقول: « ويفقد النائب الذي يستقيل من حزبه اثناء انتدابه مقعده بصفة تلقائية. ويشرع في استبداله وفق الشروط التي يحددها القانون ».
وبموجب هذه الفقرة يتضح أن باب « الترحال السياسي » أصبح مغلقاً في وجه أربعة نواب فقط من أصل 157 عضواً، وهو ما يهدد الكثير من الأحزاب السياسية التي فتحت أذرعها لعشرات المترشحين للانتخابات التشريعية المقبلة (فاتح سبتمبر المقبل)، الذين لجأوا إليها كمغاضبين لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم الذي لم يرشحهم.
وفي ظل غياب قانون يمنع الترحال السياسي، ترجح المصادر أن العديد من مناضلي الحزب الحاكم الذين ترشحوا من أحزاب سياسية مغمورة، وحتى من بعض أحزاب المعارضة، قد يغيرون مواقفهم السياسية بمجرد فوزهم بالمقعد البرلماني.