انتهت زيارة سماحة الشيخ سيدي أحمد التجاني نياس لموريتانيا، ومض أسبوعها وكأنه يوم واحد.. أقبل الموريتانيين على هذا الشيخ الجليل خليفة الشيخ إبراهيم نياس.. أقبلوا عليه بعلمائهم وساستهم، وبكل أطيافهم.. بزواياهم ومحاظرهم وقراهم وأعراقهم وشرائحهم وقبائلهم.. أقبلوا عليه فرادى وجماعات للسلام عليه والتماس دعائه وتجديد عهدهم وعهد آبائهم مع شيخ الإسلام الشيخ إبراهيم نياس.
ازدحم مقر ضيافة هذا الشيخ الجليل طيلة مدة الزيارة، التي بدأت مساء السبت 24 فبراير 2018م وانتهت زوال يوم السبت 3 مارس 2018م، ازدحم مقر الضيافة، ليل نهار، بمحبين صادقين ومناصرين مخلصين، ومعجبين مشدوهين، مبتغاهم زيارة الشيخ سيدي أحمد التجاني في الله، والالتقاء بالوفد الكريم القادم من مدينة الشيخ إبراهيم نياس الذي تكون من شخصيات سامية من هذه المدينة التي في ذمة الموريتانيين لها دين لن ينسوه، وبينهم وإياها عهود يحافظون عليها ما حيوا.
وقد برهنت هذه الزيارة على أن الموريتانيين أهل عهد، ووفائهم بالعهود لا يوازيه إلا محبتهم للعلماء والصالحين وأهل الخير.
كان الزحام شديدا بسبب الآلاف من الزوار الذين يرابطون ليل نهار في مقر الضيافة، وكان المنظمون في حركة دائمة، وكأنهم يسابقون الزمن، لكن الوقت لم يكن كافيا لإنجاز مهامهم، وهم يسعون إلى إكرام ضيافة هذا الشيخ الجليل ووفده الكريم، وإلى إنجاح هذه الزيارة المباركة.
تنافس الجميع من أجل إكرام هذا الضيف العظيم ووفده، وحرص الجميع على أن تحقق هذه الزيارة الغرض منها وهو إحياء العهود، وتوطيد العلاقات الروحية القائمة بين أسرة الشيخ إبراهيم نياس والشعب الموريتاني.
خصص الموريتانيون استقبالا شعبيا حارا لسماحة الشيخ سيدي أحمد التجاني ووفده، من مطار أم التونسي الدولي وإلى مقر إقامته في السبخة برحاب مسجد النور.
استقبل الشيخ التجاني نياس من طرف رئيس الجمهورية السيد محمد بن عبد العزيز الذي أكرم وفادة هذا الشيخ، جزاه الله خيرا.
حرصت السلطات العمومية على إنجاح هذه الزيارة وقدمت التسهيلات المطلوبة.
زار الشيخ في مقر إقامته المشايخ والعلماء والشخصيات السياسية والناشطون في المجتمع المدني ورموز المجتمع والآلاف من أفراده.
نظمت ندوات فكرية وأدبية ومجالس لذكر الله وحلقات للدعوة والإرشاد.
اهتمت وسائل الإعلام بالزيارة بما في ذلك التلفزيونات والإذاعات والمواقع.. وكذلك وسائط التواصل الاجتماعي.
كانت زيارة ناجحة بكل المقاييس وتوحد الجميع من أجل إنجاحها وحققت الهدف منها، والحمد لله رب العالمين.
وخلال المهرجان الثقافي الذي كان ختاما مسكا لهذه الزيارة أعرب بسماحة الشيخ سيدي أحمد التجاني نياس جزيل شكره وعظيم امتنانه لموريتانيا كلها حكومة وشعبا، بقيادة السيد محمد عبد العزيز رئيس الجمهورية الذي أكرم وفادتنا، جزاه اللـه خيرا، فقد أكرمنا فخامته وأكرمنا وزراؤه ومعاونوه وأكرمنا مشايخ الطرق الصوفية وعلماء البلد وأئمته ودعاته وقادة المجتمع بكل أطيافه الاجتماعية والسياسية. أكرمتنا موريتانيا كلها بتوافد أفلاذ كبدها علينا، وبما أحاطتنا به من ترحاب وعناية وحسن ضيافة، وهي عادات أصيلة طبع عليها هذا الشعب الأبي الكريم وعودتمونا عليها جزاكم الله أحسن الجزاء.
وأضاف الشيخ التجاني في هذا الخطاب القيم الذي ألقاه نيابة عنه الشيخ محمد القرشي، النائب في البرلمان السنغالي والأمين العام لاتحاد البرلمانات الإسلامية: “أحييكم وأحيي موريتانيا قيادة وشعبا لما لمسناه خلال هذه الزيارة، وفي زيارات سابقة، لدى الجميع من الحرص على توثيق روابط الأخوة والجوار والتاريخ المشترك بين الشعبين الموريتاني والسنغالي، بكل ما لتلك الروابط من أبعاد روحية وثقافية وعلمية واقتصادية، كان للشيخ إبراهيم رضي الله عنه، ولحضرته، دور كبير في العناية بها والسعي لتعزيزها بكل الوسائل”
وأكد الخليفة الشيخ التجاني أنه جاء لهذه البلاد اقتفاء لأثر شيخ الإسلام الشيخ إبراهيم نياس: ” لقد جئت إليكم أتقفى خطى والدي شيخ الإسلام الشيخ إبراهيم نياس الذي أحب هذه البلاد وأحبته وأحب أهلها وأحبوه، وقد قال النبي ﷺ “إن من أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه”. جئنا نصلكم من هذا الباب، متمثلين قول الشيخ في إحدى رحلاته الموريتانية:
علم خالقي بأن سفري ما فيه حظ من حظوظ البشر
جئت أجدد عهد الشيخ معكم، وأجدد لكم التهنئة والشكر على ما تميزتم به من محبة الشيخ وخدمته، وأعلم أن خدمتكم لنا وعنايتكم بنا إنما هما من محبتكم للشيخ ووفائكم له.
جئت أجدد لكم الشكر على ما غمرتموني به شخصيا وغمرتم به وفد الحضرة كله من كريم العناية والرعاية. ولي مع هذه الأرض الطيبة عهد أسسه الشيخ حينما صحبني بنفسه إلى هذا البلد لأتعلم من أهله في صباي، من الشيخ الجليل المربي والمرقي الشيخ محمد الأمين بن بدي رضي اللـه عنه ومن مشايخ آخرين، ومن أحباب وإخوان كان لهم علي، بعد والدي، فضل المتقدم في دراستي في الصغر وتربيتي، وذلك في عنقي عهد لا ينكث، وذمة لا تخفر لذلك الجيل العظيم، من غبر منه ومن حضر.
وإني لا أجد في هذا المقام خيرا من أن أتمثل كلام الشيخ وهو يخاطب في مدينة ألاك، قبل نصف قرن رجالا صدقوا ما عاهدوا اللـه عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا. ذلك رجاؤنا لهم وظننا فيهم. قال لهم يومئذ، وكذلك أقول لكم اليوم: “كنتم تأتوننا من هذه البلاد البعيدة ، والفضل في ذلك لكم، واليوم جئتكم فتفضلتم بما تفضلتم به من كرامة وحفاوة، والفضل لكم أيضا. الفضل في الحالتين لكم، وأنا مغبون جدا إن لم يوفقني اللـه تبارك وتعالى لأن أكافئكم في الأوقات الفاضلة والبقاع الفاضلة والحلات الفاضلة” بالدعاء… “جئتكم أريد مكافأتكم فتفضلتم حتى غبنتموني، لكن بالدعاء إن شاء اللـه لا أغبن”. نعم، بالدعاء إن شاء اللـه لا نغبن. “
حمد لله على نجاح هذه الزيارة، وحمدا لله على ارتباطنا بشيخ الاسلام الشيخ إبراهيم نياس، وحمدا لله على انتمائنا لهذا الشعب الأبي الذي يكرم ضيوفه ويقدر العلماء والصلحاء والأولياء.
محمد الحافظ بن محم
5 مارس 2018م