في معرض صغير، يقف أحمدو ولد عثمان مزهوا، وهو يشاهد عشرات الأشخاص يطوفون بين لوحاته الفنية، ويلتقطون صورا تذكارية معه، لقد استطاع أخيرا أن يقدم معاناة الصم بأسلوب فني راقٍ.
بدت لوحة في ركن قصي من المعرض، لشخصين في حوار بالعيون وأياديهم مبتورة، مثيرة للزوار، يعلق عليها بقوله «لغة التواصل مع الصم لا تحتاج كثير عناء».
أحمدو ولد عثمان؛ فنان تشكيلي أصم، أبهر زائري المعرض، بلوحاته الفنية التي أودعها هاجسه بالوحدة الوطنية ومعاناة الصم الموريتانيين.
يقول ولد عثمان في حديث مع “صحراء ميديا”، “إن الإعاقة ليست عائقا أمام التواصل، فلغة الإشارة أعمق وأكثر تأثيرا في النفس”.
جال الشاب الذي بدا هادئا بين الزائرين يشرح مدلولات لوحاته وما أودعها من تصور عن قراءته للمجتمع الموريتاني.
يقول خلال شرحه إحدى اللوحات إن «موريتانيا كالشجرة الضاربة بجذورها في أعماق الأرض، تتفرع منها أغصان مختلفة الأحجام ومتعددة التوجهات والفروع».
يُظهر أحمدو الكثير من الرضا عن لوحاته وهو يقدمها للجمهور، وفي الغالب تتحدث هذه اللوحات عن الإنسان الموريتاني.. يقدّم ولد عثمان في لوحاته، مسجد شنقيط، والإنسان المزارع على الضفة، والصيادين.
تقول مترجمة لغة الإشارة المصاحبة لولد عثمان في معرضه، إنه “منبهر بتعايش الأعراق في موريتانيا، وهو ما تعكسه جميل أعماله الفنية التي خصص منها جزء كبيرا لهذا الموضوع”.
لايعتبر هذا المعرض الأول لأحمدو، لكنه مختلف في بعض جوانبه عن المعارض السابقة، وضمنه رسائل إلى المجتمع يبين فيها أن فئة الصم كغيرها من الفئات تتعلم وترسم وتعبر وتتألم، وإعاقتها ليست عائقا أمام وضع بصمتها على مختلف مناحى الحياة.
في جانب آخر من المعرض، وأمام اللوحات الفنية استعرضت خدي عبد الله صناعتها اليدوية، وهي عبارة عن خردات جمعتها من القمامة، وطرزتها بخيوط ملونة أضفت عليها جمالا لقي استحسانا من الجمهور.
كما شارك شباب من الصم في عرض مجموعة صور فوتوغرافية التقطوها بكامراتهم الخاصة، في تغطيات إعلامية لمهرجانات وندوات مختلفة.
نُظم المعرض على هامش حفل تخرج عشرين شابا من تكوين استمر شهرين، في لغة الإشارة، في إطار شراكة بين منظمة راما للخدمات الاجتماعية ومؤسسة “المترجمون المحترفون”.