لم تستطع المخرجة الموريتانية «لاله كابر» أن تحبس دمعتها بعد عرض فيلمها القصير «لحظة صمت»، ضمن فعاليات أول نسخة من مهرجان أمم الدولي للسينما وحقوق الإنسان، الذي تحتضنه العاصمة نواكشوط هذه الأيام.
الفيلم القصير حاول أن يتطرق لمعاناة فئة الصم داخل المجتمع الموريتاني، وذلك حين حاولت المخرجة الشابة أن تختلق عالمًا أغلب أفرادها من الصم، ويجد الإنسان القادر على النطق صعوبة في العيش فيه، بسبب غياب التواصل.
لقد حاولت المخرجة أن تقلب المعادلة حتى يحس المجتمع بالوضع الذي يوجد فيه الصم، فكان الصم ضمن قصة الفيلم يحتكرون العمل في الإدارت والمستشفيات، بينما يتنقل السامع بصعوبة بين الإدارات والمؤسسات لاستخراج أوراق مدنية، وطيلة الرحلة تزداد عزلته ومعاناته.
نقل فيلم «لحظة صمت» إلى المتلقي بيئة يسيطر عليها الصم، في مجتمع لا يعبأ بالسامع ولا بثقافة الكلام، فلا يتعامل إلا بلغة الإشاراة السائدة والمعتمدة رسميا، ويرفض غيرها.
تقول المخرجة لاله كابر، إنها اختارت أن تشارك بفيلم يتحدث عن معاناة الصم في موريتانيا، لأن هذه الفئة التي يتجاوز عددها أربعة آلاف تحتاج إلى من يفهم لغتها.
المخرجة الشابة التي تعمل أيضًا مترجمة لغة إشارة، تضيف أن «فكرة الفيلم تتمحور حول أن الأصم يحتاج مترجمين في الإدارات والمؤسسات كأبسط حق من حقوق الإنسان».
وتؤكد المخرجة: «الصم في موريتانيا يعانون حينما يتجهون إلى الحالة المدنية للحصول على أوراق ثبوتية، فلا يجدون من يفهمهم أو من يتعامل معهم، لذا حاولت في الفيلم أن يعيش السامع في مجتمع من الصم، حتى يحس بالصعوبات التي سيجد حينما يذهب إلى الإدارة أو مستشفى».
جرى تصوير الفيلم لعدة أشهر، وكان أغلب أبطاله من فئة الصم، ولم يكونوا ممثلين محترفين، ولكنهم نجحوا في نقل الإحساس إلى المتلقي بلغة إشارة ومشاهد صامتة.
وكان الممثلون حاضرون خلال عرض الفيلم، وكانوا سعداء بالفيلم الذي يقدم معاناتهم في المجتمع، بدت السعادة على وجوههم وهم يرصدون تفاعل الجمهور مع فيلم هم أبطاله، والأهم إحساسهم بأن رسالتهم وصلت.
خلال عرض الفليم يلتفت أحد الممثلين الصم إلى صديقه لينبهه على إطلالته في الفليم، واللقطة التي خرج بها، يتبادلان الابتسامة ويتحدثان بينهما بلغة الإشارة، ثم يلتفتان إلى المخرجة يصفقان تشجيعا لها على وقوفها مع الصم في «محنتهم».
ينتهي عرض الفيلم القصير وتتعالى التصفيقات وأهازيج الحضور أعطت للمشاركين من الصم في الفيلم شحنة أمل كبير وحافز في المضي قدما في الكفاح من أجل تحقيق مطالبهم في مقدمتها المساواة مع الآخرين.
السينما التي بدأت قبل أكثر من قرن صامتة وصماء، هل تنجح في إنقاذ فئة الصمت وتغيير وضعهم الصعب داخل المجتمع.