ساعات قضتها «خديجة» في البحث عن الماء والتنقل على عربة حمير بين مقاطعات العاصمة نواكشوط، لتعثر في النهاية على خزان مياه يوزعها «فاعل خير»، فمدينة نواكشوط تواجه موجة عطش حادة بسبب خلل فني قطع المياه بشكل تام.
لم تكن «خديجة» وحدها من يخوض رحلة البحث عن الماء، بل كان يزاحمها في ذلك مئات المواطنين، جميعهم غاضبون من انقطاع المياه دون سابق إنذار.
تقول «خديجة» إنها تقطن في حي شعبي انقطع عنه الماء ليل الأربعاء / الخميس، ومنذ تلك الليلة تبحث عن قطرة الماء، بعد أن نفد مخزونها المحدود.
أما «سيدي محمد ولد حمود» فيرى أن الحكومة والشركة الموريتانية للماء يتحملان مسؤولية الأزمة، معتبراً أنه «كمواطن يتجرع ثمن تقصير السلطات، رغم أنه يسدد فواتير الماء في الوقت».
يتحدث «سيدي محمد» بمرارة عن أزمة العطش في أكبر مدينة موريتانية، يقطنها مليون ونصف المليون نسمة، ويسرد قصة بحثه عن الماء حاملا براميل لتعبئتها، فيما ترتفع من حوله أصوات الحاضرين المحتجين على انقطاع المياه.
يقول «سيدي محمد» إنه من غير المقبول أن ينقطع الماء لأكثر من أربع وعشرين ساعة «دون أن تتدخل السلطات من أجل حل هذه الأزمة فكلما طالت ازدادت معاناته».
ويضيف: «من غير المعقول أن لا يوجد حل لهذه المشكلة كان على السلطات والجهات المعنية أن ترسل صهاريج توزع الماء على المواطنين أو يتبناها رجال الأعمال وهيئات المجدتمع المدني».
زحمة كبيرة عند نقطة توزيع المياه في حي «المشروع»، ينتظم المواطنون في طوابير ببراميلهم الصفراء التي أصبحت خلال السنوات الأخيرة ترمز للعطش، وكلما تسربت قطرة من الماء من أحد البراميل عند تعبئتها، يصيح أحدهم بضرورة ترشيد الماء الغير المتوفر.
ولكن أغلب نقاط توزيع المياه كانت مغلقة، تتوقف بالقرب منها عربات حمير تنوء بالمراميل الخاوية، فيما أصحابها يستظلون بحائط صغير يتحدثون عن أزمة قطعت مصدر رزقهم الوحيد.
منذ يومين لم يتمكن «محمد ولد بشير» من بيع أي برميل ماء، كان مصدر دخله الوحيد الذي يعيل به أسرته؛ يقول والعرق يتصبب منه إن «الأزمة مضاعفة بالنسبة له».
يضيف ولد بشير: «منذ يومين وأنا أرابط عند هذه المحطة في انتظار الماء الذي انقطع دون سابق إنذار».
لا تكاد تمر دقيقة من دون أن يمر مواطن يسأل عن الماء، لكن جواب محمد ولد بشير وأصدقائه جاهز بالنفي، فيتجه مباشرة إلى محل تجاري لشراء أكياس الماء المعدني التي وجد التجار فرصة سانحة لزيادة أسعارها.
السلطات أعلنت منذ أمس ما يشبه حالة الاستنفار، وأعلنت أن مشكلة انقطاع المياه في طريقها إلى الحل خلال الساعات القادمة، وقال وزير المياه وكالة عبد السلام ولد محمد صالح إن ضخ 5 آلاف متر مكعب من الماء بدأ من محطة «بني ناجي» التي تبعد 180 كلم عن نواكشوط.
وقال الوزير إن سبب انطقاع المياه عن نواكشوط يعود إلى اضطرابات في الخط الكهربائي لشبكة «سنتد منتالي» الذي يزود محطة «بني ناجي» بالكهرباء، والتي تزود بدورها نواكشوط بالماء الصالح للشرب.
وأرجع ولد محمد صالح هذه المشكلة إلى «غياب تخطيط استراتيجي في تنفيذ المشاريع الكبرى وغياب للرؤية الاستراتيجية المبنية على تحديد المخاطر».