أدت المعارضة في دولة مالي صلاة الجنازة على أربعة أشخاص قتلوا خلال الاحتجاجات التي شهدتها البلاد منذ مساء الجمعة الماضي وما تزال مستمرة حتى اليوم الأحد، ودعا زعيم الحراك الإمام محمود ديكو إلى «الابتعاد عن العنف».
وجرت صلاة الجنازة في مسجد بالقرب من بيت الإمام محمود ديكو، وهو من أمَّ الصلاة، وخطب بعدها، بحضور عدد من قادة الحراك المعارض الذي يطالب باستقالة الرئيس إبراهيم ببكر كيتا.
وفي خطبته التي حضرها المئات من أنصاره، طالب الإمام محمود ديكو بالابتعاد عن العنف والنهب، وعدم تكسير ممتلكات خاصة أو عمومية، مشيراً إلى ضرورة التهدئة مع التمسك بمطلب استقالة الرئيس والشروع في تطبيق مقترح المعارضة للخروج من الأزمة السياسية في مالي.
وطلب الإمام ديكو من الشبان المتحمسين بتفادي استهداف الشرطة وقوات حفظ النظام، وعدم الاحتكاك معهم، والحفاظ على سلمية الاحتجاجات.
وبعد أن اقتحمت الشرطة مقر الحراك المعارض، تحول بيت الإمام ديكو إلى مركزاً لأنشطة المعارضة، وتجمع فيه منذ صباح اليوم عدد من قادة الحراك، كما كان قبلة لعدد كبير من أنصار المعارضة.
وأكدت مصادر قريبة من الإمام ديكو أنه استقبل صباح اليوم في بيته وفداً أرسله شيخ الطريقة الحموية في مالي، وبعض الأئمة والمشايخ، في إطار مساعي للتهدئة وإيقاف أعمال العنف والشغب التي تشهدها مالي.
وكانت الاحتجاجات الشعبية الغاضبة قد استمرت لليوم الثالث على التوالي، وإن بحدة أقل، وتوسعت لتشمل عدة مدن أخرى بالإضافة إلى العاصمة باماكو.
وتتحدث مصادر قريبة من الحراك المعارض عن سقوط 17 قتيلاً في صفوف المحتجين، وأكثر من مائة جريح، ولكن السلطات لم تعلن حصيلة رسمية لضحايا المواجهات بين الأمن والمحتجين.
في غضون ذلك اتهمت مصادر من المعارضة السلطات المالية بإخفاء الحصيلة، خاصة بعد منع الإفراج عن جثث 13 قتيلاً والسماح بالصلاة على أربعة قتلى فقط.
وقدم الرئيس المالي عدة تنازلات لتهدئة الأوضاع في البلاد، من أبرزها القبول بحل المحكمة العليا وإعادة الانتخابات التشريعية في الدوائر التي تقول المعارضة إنها شهدت تزويراً، كما سبق وأن عرض على المعارضة المشاركة في حكومة وحدة وطنية.
ولكن الحراك المعارض الذي يضم أئمة ومشايخ وهيئات مجتمع مدني وحركات سياسية، يرفع مطلباً وحيداً متمثلاً في استقالة الرئيس، وبعد ذلك الدخول في مرحلة انتقالية يديرها رئيس وزراء كامل الصلاحيات تختاره المعارضة.
وتأتي هذه الأزمة السياسية لتزيد من سوء الوضع في مالي التي تعاني منذ عدة سنوات من أزمة أمنية حادة، بسبب الحرب الدائرة في الشمال، وفقدانها السيطرة على مناطق من وسط البلاد، تنتشر فيها حرب عرقية طاحنة.