اسمتعت لجنة التحقيق البرلمانية منذ تشكيلها يوم 30 يناير 2020، لعشرات الوزراء والمسؤولين السابقين والحاليين، وراء أبواب مغلقة في المبنى الإداري الحديث داخل مقر الجمعية الوطنية، وأحيطت أعمالها بقدر كبير من السرية، جعلت الموريتانيين يتساءلون عما يدور وراء تلك الأبواب المغلقة.
«صحراء ميديا» حاولت عبر الحديث إلى مصادر متعددة، قريبة من اللجنة ومن الشخصيات التي مثلت أمامها، أن ترصد تفاصيل جلسات اللجنة، وكيف كانت تستمع لضيوفها.
مجريات الجلسة
عندما يصل المسؤول الذي تم استدعاؤه يرافقه حرسي إلى قاعة الاستماع، ليجد في استقباله أعضاء لجنة التحقيق التسعة، يجلسون على شكل نصف دائرة يتوسطها رئيس اللجنة احبيب ولد اجاه، فيما يجلس المسؤول قبالة اللجنة مباشرة.
في الغالب تدور أحاديث مجاملة عادية، ريثما تكتمل الاستعدادات الفنية، يعرض خلالها على الضيف كأس شاي وبعض الشراب، ثم تغلق الأبواب وتفتتح الجلسة من طرف رئيس اللجنة، الذي يقرأ القانون المنشئ للجنة التحقيق.
في بداية كلامه يخطاب رئيس اللجنة المسؤول الماثل أمامه، ليبلغه أن جميع وقائع جلسة الاستماع مسجلة بالصوت والصورة، حتى يأخذ علماً بأن أقواله مسجلة عبر كاميرا منصوبة وسط القاعة مثبتة على المسؤول بشكل دائم.
بعد افتتاح الجلسة يحدد رئيس اللجنة، وهو رئيس جلسة الاستماع، الملف الذي استدعي المسؤول من أجل الإدلاء بشهادته فيه، قبل أن يفتح الباب أمام أسئلة أعضاء لجنة التحقيق وفق ترتيب معين، إذ يجلس عن يمينه أربعة أعضاء، وعن يساره الأربعة الآخرون.
تختلف الجلسات وتتباين حسب الملف المعروض، ففي بعض الجلسات يطرح أغلب أعضاء اللجنة أسئلة على المسؤول، وفي جلسات أخرى لا يسأل إلا قليل من الأعضاء، وفي مرات قليلة يتركز الحوار بين المسؤول وعضو واحد من اللجنة، يكون أكثرهم تمكناً من الملف المعروض.
في الغالب تبدأ جلسات الاستماع بسؤال بسيط وغير معقد، يطلب من المسؤول المعلومات التي بحوزته حول ملف معين أو صفقة محددة، وبعد أن يدلي المسؤول بشهادته، تبدأ الأسئلة التي تظهر فيها وثائق وأدلة، قد تناقض ما سبق وأن أعلن المسؤول، وفي بعض الأحيان تتوتر الأمور ويحدث الارتباك.
حين تنتهي الجلسة، يعلن رئيس لجنة التحقيق رفعها، ويبلغ المسؤول بأنه إن دعت الحاجة سيوجه له استدعاء آخر، حسب مجريات التحقيق، كما يعطي للمسؤول مهلة تمتد حتى إعداد التقرير النهائي من أجل مراجعة أقواله، أو إضافة أي معلومات جديدة في الموضوع.
سرية شبه تامة
عندما شكلت لجنة التحقيق البرلمانية ألزم أعضاؤها بسرية جلسات الاستماع، وبعدم كشف أي معلومات حول مجريات التحقيق، واختارت اللجنة لمرابط ولد بناهي ليكون المتحدث الرسمي باسمها، حتى ترفع عن بقية الأعضاء حرج الظهور الإعلامي.
كما منح البرلمان للجنة من تشكيلها نهاية يناير الماضي بناية شبه مستقلة عن المبنى القديم، شيدت خلال رئاسة مسعود ولد بلخير للبرلمان، واختارت موظفين مستقلين، من ضمنهم حارس وعامل يقيم الشاي ويقوم بالخدمات المكتبية.
ولضمان سير عملها اختارت اللجنة سكرتير تحرير يتولى طباعة ما يدور في جلسات الاستماع لصالح مقرر اللجنة يحيى ولد أحمد الوقف، بالإضافة إلى فني يتولى تصوير الجلسات دون أن يحضرها، إذ يدخل القاعة قبل بداية الجلسة ويضمن شحن الكاميرا والشروع في التسجيل ثم يغادر.
وتعمل اللجنة في عزلة شبه تامة عن بقية قاعات البرلمان، حتى أن المسؤولين الذين يتم الاستماع لشهاداتهم، لا يمرون بباقي مبنى البرلمان، وقد لا يلفتون انتباه أحد وهم يدخلون المبنى ويغادرونه.
أعضاء اللجنة
تتكون لجنة التحقيق من تسعة أعضاء، ستة من حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم: احبيب ولد اجاه (رئيس اللجنة)، يحيى ولد أحمد الوقف (مقررها)، لمرابط ولد بناهي (مسؤولها الإعلامي)، كمارا علي كلاديو، لاله بنت امبارك، ممادو انيانغ.
كما تضم اللجنة عضواً آخر من الأغلبية الحاكمة هو الدان ولد عثمان، عن حزب الاتحاد من أجل الديمقراطية والتقدم.
أما المعارضة فتمثل في اللجنة عبر عضوين هما: الصوفي ولد الشيبابي، عن حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية «تواصل»، ومحمد الأمين ولد سيدي مولود، عن حزبي تكتل القوى الديمقراطية واتحاد قوى التقدم.