رفض الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز، استلام استدعاء وجهته له لجنة برلمانية شكلت قبل قرابة ستة أشهر للتحقيق في ملفات فساد خلال سنوات حكمه، ويثير رفض الرئيس السابق المثول أمام اللجنة النقاش داخل البرلمان.
وتتباين آراء النواب والقانونيين، بين من يرى أن اللجنة بإمكانها أن تستخدم القوة العمومية لإرغام الرئيس السابق على المثول أمامها، مستشهدين بحوادث سبق أن جرت في دول أخرى أرغم فيها رؤساء على المثول أمام لجان تحقيق برلمانية.
كما يستشهد أصحاب هذا الرأي بحادثة استخدام القوة العمومية لإرغام السيدة الأولى ختو بنت البخاري، عام 2008، على المثول أمام لجنة تحقيق برلمانية.
ولكن نواباً آخرين وخبراء دستوريين، يعتقدون أن السيدة الأولى ليست لديها نفس الحصانة التي يتمتع بها رئيس الجمهورية، وبالتالي فإن هذا القياس غير مقبول من الناحية الدستورية والقانونية.
ويذهب هؤلاء إلى القول إن اللجنة أتاحت للرئيس السابق فرصة تقديم معلومات وإيضاحات حول الملفات التي ورد فيها اسمه بشكل صريح، وهو رفض استغلال هذه الفرصة وعليه أن يتحمل المسؤولية، مشيرين إلى أن على اللجنة أن تكمل تقريرها وتسلمه للبرلمان.
ويضيف أصحاب هذا الرأي أن البرلمان هو من يملك سلطة توجيه الاتهام إلى ولد عبد العزيز بـ «الخيانة العظمى»، خاصة وأن لجنة التحقيق في رسالة الاستدعاء تحدثت عن «وقائع وأفعال يحتمل أن تشكل مساسا خطيراً بالدستور وبقوانين الجمهورية الإسلامية الموريتانية».
وبعد توجيه التهمة من طرف البرلمان وتشكيل محكمة العدل السامية، سيكون من اختصاص المحكمة وصلاحياتها إجبار الرئيس السابق على المثول أمامها بعد أن تسقط عنه الحصانة، وفق وجهة النظر التي يعبر عنها عدد من النواب والمختصين في الدستور.
وأمام هذا الجدل والخلاف حول الترتيبات، ورفض الرئيس السابق التعاون مع المحققين، يمنح القانون الموريتاني لرئيس الجمهورية الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني القدرة على التدخل من أجل الحسم، بصفته الحكم بين السلطات ورئيس المجلس الأعلى للقضاء.
وعلى الرغم من أن الرئيس الحالي سبق أن أعلن في مؤتمر صحفي فبراير الماضي، أنه لن يتدخل في مجريات الأمور، بسبب قناعته بالفصل بين السلطات، إلا أن القانون يمنحه القدرة على التدخل وإغلاق الملف وإنهاء الجدل.
في غضون ذلك يستبعد مراقبون أن يستخدم ولد الغزواني صلاحياته التي يمنحه القانون، لأنه سيتهم من طرف خصومه السياسيين بأنه تدخل من أجل إنقاذ صديقه «السابق»، ولكنهم في الوقت ذاته يعتقدون أن صمته وتركه للأمور تسير بشكل طبيعي سيشكل سابقة في التاريخ الموريتاني، إذ أنها ستكون المرة الأولى التي يحاكم فيها رئيس موريتاني سابق في ملفات فساد.
وتستعد لجنة التحقيق البرلمانية لإنهاء تقريرها وتسليمه للبرلمان قبل إغلاق الدورة البرلمانية الحالية نهاية يوليو الجاري، كما قطع البرلمان خطوات مهمة نحو تشكيل محكمة العدل السامية، ويتوقع أن يعود الملف بقوة مع افتتاح الدورة البرلمانية المقبلة نهاية العام الجاري.