تحدث الرئيسان الموريتاني والسنغالي، محمد ولد الشيخ الغزواني وماكي صال على التوالي، عن فتح «صفحة جديدة» في العلاقة بين البلدين، بل إن صال دعا في ختام زيارته لنواكشوط مساء أمس الثلاثاء إلى تجاوز وكسر رتابة القوالب البروتوكولية بين البلدين تماشياً مع المستوى الذي وصلت إليه العلاقات، فيما وصف ولد الغزواني الزيارة بـ«المثمرة».
الزيارة التي توجت بالتوقيع على ست اتفاقيات في مجالات مختلفة، اختتمت بمؤتمر صحفي عقده الرئيسان في قاعة الشرف بمطار نواكشوط الدولي، أظهرا فيه مستوى كبيراً من التفاهم حول قضايا كثيراً ما كانت تثير الخلاف بين البلدين: الصيد والتنمية الحيوانية والمياه.
ولكن السمة البارزة التي طبعت هذه الزيارة هي «الجو الودي» الذي جرت فيه، والتصريحات «الحميمية» التي أدلى بها الرئيسان، نجحت في تجاوز مطبات سبق أن مرت بها العلاقات بين البلدين الجارين.
ولد الغزواني قال في بداية المؤتمر الصحفي إن الزيارة كانت «مثمرة» إذ مكنت من نقاش علاقات التعاون بين البلدين والتي قال إنها «تقوم على روابط الدم والقربى والجوار»، وأوضح أن الجانبين الموريتاني والسنغالي «سجلا بارتياح تطابقا وجهتي نظرهما حول القضايا التي تمت إثارتها».
وقال ولد الغزواني إن السنغال وموريتانيا «تتمسكان بسنة الحوار والتشاور، وبالتسيير المنصف والعادل لثروتهما المشتركة»، وأكد عزم البلدين على «تطوير وتعزيز التعاون في مجالات الطاقة والمياه والصيد».
أما الضيف السنغالي فقد بدأ بالإشادة بمستوى الضيافة التي استقبل بها والوفد المرافق له، وقال: «كنا نحس دائماً ونحن في موريتانيا وكأننا في وطننا وبين أهلنا»، وأضاف متحدثاً عن العلاقات بين البلدين: «كل شيء يجمعنا: التاريخ والجوار والدين، الصداقة والقربى، كل هذا التراث السوسيو ثقافي المشترك هو الذي يجعلنا متوحدين ولا نفترق».
وفي سياق حديثه عن الروابط التي تجمع البلدين، قال ماكي صال إن «الأقدار شاءت مجدداً أن نتقاسم حقل الغاز (آحميم)»، مشيداً بالزمن القياسي الذي تم فيه الاتفاق بين البلدين حول استغلال هذا الحقل، وقال إن البلدين حطما الرقم القياسي في موسوعة جينيس حين وقعا الاتفاق في أقل من سنتين على اكتشاف الحقل، في حين احتاجت دول أخرى لأكثر من عشر سنوات.
واعتبر الرئيس السنغالي أن حقل الغاز المشترك بين البلدين فرصة للدفع نحو الأمام بالعلاقات بينهما، وقال إنه لمس لدى غزواني نفس التوجه والرغبة في الوصول بالعلاقات إلى مستويات غير مسبوقة.
من جهة أخرى أعلن الرئيس السنغالي أن نظيره الموريتاني قرر إعفاء الصيادين السنغاليين في مدينة سينلوي من دفع الغرامات المتأخرة عليهم، وقال صال إن غزواني «هو من اتخذ الإجراءات التي سمحت بتهدئة الصيادين في سينلوي، لأنه رفع مستوى العلاقات حول هذا النوع من القضايا التي رغم أهميتها بالنسبة لسياسات الثروة البحرية، يجب ألا تعيق التفاهم والتناغم بين البلدين».
وأضاف صال: «أنا سعيد جداً، وأشكر رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية لأنه قرر انطلاقاً من إرادته الشخصية ورؤيته للعلاقات، أن يتجاوز المتأخرات على صيادينا، وأكثر من ذلك قرر فتح صفحة جديدة تتضمن تسهيلات فيما يتعلق بحصة الصيد».
واعتبر ماكي صال أن ما قام به ولد الغزواني هو «تصرف أفريقاني من مستوى عالي جداً، يعكس أعلى درجات التسامح»، مشيراً إلى أن الجانب السنغالي في المقابل اتخذ قراراً فيما يتعلق بتمديد فترة دخول المنمين الموريتانيين الأراضي السنغالية، وجلب مواشيهم خلال عيد الأضحى، ومنحهم 45 يوماً قبل العيد و45 يوماً بعده، «حتى يعملون بطريقة مطمئنة»، على حد تعبير صال.
أما ولد الغزواني فقد علق على نقطة إعفاء الصيادين السنغاليين بالقول إنه «لا يخفى علينا أن أياً من البلدين لا يمكنه تجاهل أي وضعية توتر في البلد الآخر، ونحن نعتقد أن أي توتر في السنغال لا يمكن تكون موريتانيا بمعزل عنه، ونفس الشيء بالنسبة للسنغال إن كان هنالك توتر في موريتانيا».
وخلص ولد الغزواني إلى التأكيد على أن «السنغال منشغلة حيال الأمن الغذائي للشعب الموريتاني، ونفس الشيء بالنسبة لموريتانيا، فنحن منشغلون جداً بكل ما من شأنه أن يضر أو ينفع أي مواطن سنغالي».