بعد اندلاع أزمة المرجعية داخل حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم، والشرخ الذي سببته عودة الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، ظهر وزير النفط والطاقة والمعادن محمد ولد عبد الفتاح كجزء من حل الأزمة بعد تكليفه أمس الثلاثاء بتنسيق عمل اللجنة، فمن هو ولد عبد الفتاح متعدد المواهب والمهام.
محمد ولد عبد الفتاح واحد من أصغر قيادات الصف الأول في الحزب الحاكم سناً، من مواليد مارس 1977 بمدينة روصو، جنوب غربي البلاد، درس الابتدائية في العاصمة السنغالية دكار، قبل أن تعود أسرته مع أحداث 1989 إلى البلاد.
ولد عبد الفتاح حاصل على شهادة الباكالوريا من شعبة الرياضيات، نجح بعدها في مسابقة (افاك) التي فتحت له باب الالتحاق بجامعة نيس الفرنسية، وبعد رحلة تعليمية قادته إلى عدة جامعات فرنسية، حصل من جامعة باريس على درجة دكتوراه في المعلوماتية.
يوصف ولد عبد الفتاح بأنه خبير وقدم عدة محاضرات في مؤتمرات وجامعات دولية، وخلال عشر سنوات (2006 – 2016) عمل مستشاراً لدى شركة توتال الفرنسية في موريتانيا، وفي شهر مارس من عام 2010 أصبح عضواً في اللجنة الخاصة بالإشراف على الهيئة المكلفة بتجهيز وتأمين وثائق الهوية الوطنية، قبل أن ينال منذ 2010 وحتى اليوم عضوية لجنة الإشراف بالوكالة الوطنية لسجل السكان والوثائق المؤمنة.
في الفترة الممتدة من ديسمبر 2015 إلى يناير 2016، عمل ممثلاً للشركة البريطانية (ستيرلينغ إينيرجي) في موريتانيا، قبل أن يتم تعيينه في الفترة من يناير 2016 إلى أغسطس 2016 مديرا عاما لشركة (سوماغاز)، قبل أن يتم تعيينه وزيراً للنفط والطاقة والمعادن وهو المنصب الذي ما يزال يشغله منذ أكثر من ثلاث سنوات.
خلال سنوات إدارته لوزارة النفط والطاقة والمعادن، حققت موريتانيا أكبر قدر من الاكتشافات في تاريخها، سواء تعلق الأمر بحقول الغاز الطبيعي أو مناجم اليورانيوم، بالإضافة إلى معادن أخرى في عمق الصحراء الموريتانية، ما قاده ليقوم بإصلاحات جذرية من خلال اعتماد «مدونة استثمار جديدة» مع مراجعة شاملة لمدونة التجارة.
في غضون ذلك يوصف ولد عبد الفتاح من طرف مقربين منه بأنه «رجل ثقة المستثمرين الأجانب»، وهو ما مكنه من الاحتفاظ بمقعده في الحكومة على رأس واحدة من أهم الوزارات، رغم حجم التقلبات السياسية التي شهدتها البلاد.
بالتوازي مع مساره المهني، كان ولد عبد الفتاح يقطع خطواته السياسية الأولى عام 2009 عندما اتصلت به إدارة حملة المرشح محمد ولد عبد العزيز آنذاك، لتبدأ بذور علاقة بينه والرئيس السابق ومحيطه الأسري، وكان أحد الأطر الشابة التي جسدت خطاب ولد عبد العزيز المتمثل في «تجديد الطبقة السياسية».
ولد عبد الفتاح يكن احتراماً كبيراً للرئيس السابق، وكان هو من يقود السيارة التي قدم على متنها إلى مقر الحزب في اجتماعه المثير للجدل قبل أسبوعين، ولكنه في الوقت ذاته يرتبط بعلاقات اجتماعية متداخلة مع الرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني.
في المقابل أظهر ولد عبد الفتاح خلال أزمة المرجعية موقفاً حاول من خلاله أن يعمل على «تقريب وجهات النظر» بين طرفي الأزمة، وفق ما أكدته مصادر من داخل الحزب لـ «صحراء ميديا»، وتضيف المصادر أنه بعد أن تأكد من صعوبة ذلك، جاء الحسم بمنحه مهمة تنسيق عمل اللجنة.
ولد عبد الفتاح الذي برز اسمه بقوة داخل أروقة الحزب الحاكم خلال حملة التعديلات الدستورية، قبل أكثر من عامين، ها هو اليوم يتولى قيادة مرحلة التهدئة، وأصبح ربان سفينة الحزب التي تتقاذها أمواج ساحة سياسية ما تزال تخضع لإعادة التشكيل منذ الانتخابات الرئاسية الأخيرة.