مؤتمران صحفيان عقدتهما لجنة تسيير حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم، في غضون يوم واحد، الأول لرئيس اللجنة سيدنا عالي ولد محمد خونه مساء أمس الجمعة، والثاني للناطق باسمها سيد أحمد ولد أحمد مساء اليوم السبت، وقد أظهرا مساعي جديدة للتهدئة والتقارب بين طرفي صراع «المرجعية» داخل اللجنة.
رئيس اللجنة الذي كان مصحوباً باثنين من أعضائها هما بيجل ولد هميد وافال انغيسالي، أظهر موقفاً جديداً، حمل نوعاً من التهدئة ومد اليد للصلح، حين أعلن تمسكه باللجنة والنصوص المنظمة للحزب، وأن هذه النصوص هي «المرجعية» الحقيقية للحزب، رافضاً أي ارتباط بالأشخاص.
ولد محمد خونه ورفيقاه ظلوا يتمسكون بدعم الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، رافضين أي تأويلات توحي بأنهم يجنحون للمعارضة، وقال ولد هميد في المؤتمر الصحفي إنه لا يمكنه أبداً أن يعارض غزواني، لأنه «رقص وأطلق الرصاص في حملته الانتخابية»، إلا أنهم في المقابل ظلوا يتحفظون على المطالبة بجعله مرجعية للحزب.
يقولون في المحاججة التي أعلنوا عنها إن الأحزاب السياسية لا يمكن أن تتخذ من الأشخاص مرجعيتها، وهو تراجع واضح وصريح عن اعتماد الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز مرجعية للحزب، إنها خطوة جديدة نحو التقارب، فطيلة السنوات العشر الماضية كان ولد عبد العزيز هو صاحب القرار في الحزب دون أن يصفه أحد بأنه «مرجعية».
وفي الوقت الذي يقول ولد محمد خونه ورفيقاه إن «النصوص» هي المرجعية الحقيقية للحزب، يؤكد أغلب أعضاء اللجنة ومنتخبي الحزب وهيئاته أن «رئيس الجمهورية» هو المرجعية الحصرية لأنه هو صاحب المشروع السياسي والمجتمعي والتنموي الذي يتبناه الحزب.
وبهذا النقاش تتقلص دائرة الخلاف بين الطرفين، حين ينحصر الأمر ما بين «النصوص» و«ولد الغزواني»، وهو ما يجعل الأمور قريبة من أن تحسم بعد أن خرج «ولد عبد العزيز» من المعادلة داخل الحزب، وهو الذي اشعل الأزمة قبل أن يختفي عن الأنظار من عدة أيام.
الطريق نحو التسوية يبدو سالكاً، خاصة بعد أن قال المتحدث باسم اللجنة سيد أحمد ولد أحمد في مؤتمره الصحفي إن اللجنة تمد اليد «للإخوة المتخلفين عنها»، ومستعدة لفتح «قنوات اتصال» معهم من أجل التوصل إلى «تسوية ودية وتوافقية»، دون أن يكشف عن تفاصيل هذه التسوية.
إن داعمي ولد الغزواني الذين يشكلون أغلبية ساحقة في الحزب ولجنة تسييره، وهم يبعثون برسائل التهدئة نحو رفاقهم الثلاثة، كانوا يتمسكون بموقفهم الذي يتخذ من ولد الغزواني «مرجعية حصرية» للحزب، انطلاقاً من كون ولد عبد العزيز كان يجسد هذه المرجعية طيلة فترة حكمه، وكان هو من يتخذ كافة «القرارات الاستراتيجية»، على حد تعبير ولد أحمد.
ولكن اللافت هو حرص المتحدث باسم اللجنة على تفادي استخدام عبارة «المرجعية» ما أمكنه ذلك، معتبراً أن النقاش حولها مفتعل ويجب تجاوزه، ولكن مما لا شك فيه هو أن هذا النقاش أحدث هزة في الحزب كانت ضرورية لنفخ روح جديدة في أوصاله المنهكة بعد عشر سنوات من الحكم.