“فليبق كلٌ في مكانه أيها الرجال، حياتي فداء لكم، دمي فداء لكم، سأعيش من أجلكم، وأموت من أجل حريتكم وشرفكم، إذا كان يجب أن يموت جمال عبد الناصر، يجب أن يكون كل واحد منكم جمال عبد الناصر، جمال عبد الناصر منكم ومستعد للتضحية بحياته من أجل البلاد”. من كلمات الزعيم الراحل جمال عبد الناصر.
منذ اليوم الأوّل لمحنة قطع الإنترنت بنواكشوط، ثار فيَّ شعور الحس الوطني.. ذلك الإرث المنسي، أدركت هدفهم بذلك أنه التشويش على الانتقال الديمقراطي، ومنذ ذلك الحين حاولتُ جاهداً البحث في ذاكرتي عن لقب للأخ رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني لا يكون متداوَلاً من كثرة ما أُسبغ عليه من ألقاب تجعل منه رمزاً للوحدة الوطنية وبصمة فارقة في «محاربة أعداء الديمقراطية بالديمقراطية». لأكتب لكم عنه، اليوم، بأنّه «نَاصَرُ الوَطَنْ» والأوّل في سياسة الإجماع الموريتانية، حيث تلقّيتُ منه رسالة نصية قصيرة (إس إم إس) بذكرى عيد الاستقلال 59 الوطني، تقول بها الرئاسة ما لم يفعله أحد ممن كان قبله من الرؤساء، الواقعين تحت وهج مواجهة العدوان على الديمقراطية في جوهرها العميق:”أحر التهاني وأطيب التمنيات لكافة أفراد الشعب الموريتاني بمناسبة الذكرى التاسعة والخمسين لعيد الاستقلال الوطني”. لينبثق مع هذه الرسالة المسار الذي رسمته المرجعية كصمام أمان للوطن ضد التمرد وعدم المطواعية.
قد يصعب على غيره من الرؤساء ممَن ذاقو نزعة التفرد ومحاولة إقصاء الآخرين، تقديم مصلحة الأمة والأهلية والكفاءة كأسلوب حياة في المجتمع وتدابير ضرورية لبناء الثكنات الوطنية والحفاظ على روح الانتماء والانضباط.. فعلى القيم الوطنية تربى جيل جيشنا الوطني، وعليها تربت نفوس شعوبنا وتهذبت شخصياتهم، ولابدّ أن أعترف لكم بأنّني أرى في الأخ الرئيس غزواني، شخصيةً متجدّدة تجبّ ما قبلها من خلافات وتفرقة تم إثارتها لتهديد لحمتنا الوطنية ونسيجنا الاجتماعي.
إذن بدأ «نَاصَرُ الوَطَنْ» غزواني، بتكوين عهدته الاستمرارية، تكتيكياً واستراتيجياً، ممسكاً بصداقته التاريخية مع الآخرين دون التفريط في معاييره الراسخة والوازنة، كبوصلةَ تمنع تحويل مسار التبادل السلمي على السلطة إلى تجربة ديمقراطية قشرية. ولاشك بأن هذا العهد الذي يطبعه كلما مرّ عليه الزمن، بحاجة ماسة إلى صلابة هادئة من الأخ رئيس الجمهورية لا يكون بمقدور أحد من الكبار أو من صبية السياسة مجاراتها، وحاجة كذلك إلى جيل أكثر وعياً وانفتاحاً وتحضراً.
وفي ذكرى يومنا الوطني، أخاطبك يا من وصفتُه يوماً بصديقنا الرئيس، والذي يجنح الآن بالوطن إلى الظلام، من خلال محاولة فرض وصايته على الديمقراطية الموريتانية ونظرية “الميركانتيلية” التجارية، اعلم أن الخبز ليس هو البديل عن الديمقراطية المستقرة، وأننا لن نتوارى عن حماية الوطن بإشعار ورقة «غزواني» في وجهك، فلا يفتك القطار ما دام النمط العلمي والعملي للحياة المواطنية للفقراء والأغنياء معاً في الوطن هو روح الوطنية.
صديقكَ شيخاني ولد الشيخ: «الوطنية حلوة بس نفهمها».