عاد الهدوء إلى أروقة حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم، بعد أسبوع ساخن، ولكنه هدوء مؤقت ستعقبه العاصفة، بعد أن ينتهي الاحتفال بعيد الاستقلال، إنها «هدنة» بدأت من جانب واحد، ويبدو أن الطرف الآخر وافق ضمنياً عليها.
ولكن ماذا سيجري بعد أن تنتهي «الهدنة المؤقتة»، كيف ستسير الأمور داخل الحزب الذي يعاني من مشاكل بنيوية حقيقية، ولكنه يمتلك أغلبية مطلقة في البرلمان، كيف سيُسيَّر الأعرج الذي يتصدر السباق السياسي في البلاد.
لقد مكنت الهزة التي تعرض لها الحزب الحاكم من معرفة التوازنات والولاءات داخل هيئاته، فلم يتبق من داعمي الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز سوى خمسة أعضاء من لجنة تسيير الحزب وعدد أقل من النواب في البرلمان.
ومن المؤكد أن أي تعديلات مقبلة داخل هيئات الحزب ستتضمن خروج هذه القيادات التي أبدت نوعاً من «عدم الانسجام» مع اتخاذ ولد الغزواني «مرجعية» للحزب الحاكم، ما يعني بروز قيادات جديدة ومنهج تسيير يتماشى مع «المرجعية» الجديدة.
مصادر عديدة من داخل الحزب أكدت لـ «صحراء ميديا» أن هنالك مشاورات جدية لاستحداث قيادة جديدة للحزب، ولكن النقاش يدور حول آلية تشكيل هذه القيادة، في ظل وجود عدة سيناريوهات محتملة.
السيناريو الأول يتمثل في الإبقاء على لجنة تسيير الحزب الحاكم، ولكن الدفع بالأعضاء الموالين لولد عبد العزيز إلى الاستقالة منها أو إقالتهم، وفق آلية لم يتم تحديدها بعد، وذلك ما سيضمن نوعاً من الاستمرارية في عمل اللجنة تحضيراً للمؤتمر الوطني المعلق منذ شهر مارس الماضي.
السيناريو الثاني يتمثل في استقالة اللجنة والعودة إلى النظام الداخلي للحزب الذي تقول المادة 17 منه إنه في حالة ما «إذا تعذر على المؤتمر (الوطني) لسبب من الأسباب انتخاب الهيئات الوطنية، فإن الهيئات المنتخبة في المؤتمر السابق تستمر في تسيير الحزب إلى حين انعقاد مؤتمر وطني لاحق في أجل أقصاه ستة أشهر».
ويعني ذلك أن الحزب ستعود قيادته إلى الأستاذ سيدي محمد ولد محم، وهو الذي أعلن قبل أيام موقفاً حاسماً من الأزمة تضمن رفضاً صريحاً للخطوات التي قام بها الرئيس السابق، ولكن العودة إلى القيادة السابقة لا يعني عودة ولد محم وحده، وإنما مختلف الهيئات السابقة، بما في ذلك بعض الشخصيات التي قد تكون محسوبة على ولد عبد العزيز.
السيناريو الثالث هو تعجيل تاريخ انعقاد المؤتمر الوطني للحزب، من فبراير المقبل كما أعلن ولد عبد العزيز في اجتماعه بلجنة تسيير الحزب، إلى شهر دجمبر المقبل، وبالتالي التسريع نحو استعادة الوضع الطبيعي داخل قمرة قيادة الحزب، بطريقة لا تتضمن أي مخالفة للقوانين والنصوص الداخلية للحزب.
في ظل التقلبات السياسية المتسارعة، والتطورات المتلاحقة، تبقى هذه السيناريوهات هي الأكثر احتمالية بحسب ما تؤكد المصادر، ولكن الاحتمالات تبقى مفتوحة، خاصة وأن قاعدة الفعل ورد الفعل، ظلت هي المتحكمة في سير الأحداث.