أثار الكشف عن توقيع اتفاق غير معلن، بين الشركة الوطنية للصناعة والمناجم “سنيم”، والصندوق الوطني للتأمين الصحي “كنام”، حول تحويل جزء من تأمين عمال الشركة لـ”كنام” رفضا في صفوف مناديب عمال الشركة المنجمية.
وبحسب ما أفاد به مراسل “صحراء ميديا” في ازويرات، نقلا عن مصادر نقابية، فإن شركة “سنيم” أبرمت اتفاقا غير معلن، مع الصندوق الوطني للتأمين الصحي، تتولى بموجبه الأخيرة، التكفل بعلاج العمال وأسرهم في الخارج، فيما احتفظت “سنيم” بدفع التعويض المالي الخاص بالمهام، للعمال المرفوعين للعلاج في الخارج، بالإضافة إلى تأمينها علاج عمالها في مواقع العمل، وفي المستشفيات الموريتانية.
ويقضي الاتفاق بين “سنيم” و “كنام” بإعادة الأخيرة في نهاية السنة، نسبة من المبلغ الذي تدفعه لها الأولى، لتغطية تكاليف تولي “سنيم” علاج العمال في مواقع العمل والمستشفيات المحلية.
وأضافت مصادر أخرى لـ “صحراء ميديا”، أن الاتفاق تم إعداده بطريقة غير معلنة، لتفادي ردود فعل غاضبة من العمال، ما دفع مناديب عمال الشركة في ازويرات، بعد اكتشاف الاتفاق، لمطالبة رئيس مصلحة المصادر البشرية خلال اجتماع معهم يوم 31 من الشهر الماضي، إبلاغ إدارة الشركة رفضهم للاتفاق.
وهدد المناديب باتخاذ إجراءات تصعيدية، في حال لم تستجب الشركة لمطالبهم بهذا الخصوص.
كيف اكتشف العمال الاتفاق؟
وجاء اكتشاف العمال للاتفاق، بعد دخول “كنام” ـ على غير العادة ـ في إجراءات بعض عمال الشركة الذين تقرر رفعهم للخارج لتلقي العلاج.
وتقضي الإجراءات الجديدة، بإحالة ملف العامل المتقدم للرفع، للمجلس الصحي التابع “لكنام”، الذي يطلب رأي أخصائي في الملف، قبل التأكيد على رفع العامل من عدمه.
ولم تكن إجراءات رفع عمال سنيم للخارج، تمر عبر أي طرف آخر، حيث كانت المصالح الصحية للشركة، تشخص حالة المريض، واحتياجه من عدمه للرفع، قبل أن تبدأ في إجراءات رفعه للخارج.
ويأخذ العمال على الطريقة الجديدة في التأمين بطء الإجراءات التي تتبع في ملفات المرفوعين للخارج، والتي تحمل طابع الاستعجال في بعض الأحيان، باعتبار أن المجلس الصحي “لكنام” الذي يبت في هذه الملفات يجتمع مرتين فقط في الشهر، وقد لا يوافق على رفع المريض.
وطرح بطء إجراءات “كنام” بإلحاح بالنسبة لعمال “سنيم” خلال الأسابيع الأخيرة، بعد تأخر البت في ملف العامل في مصنع “كلب الغين”، شيخاني ولد زيداف، الذي تقرر رفعه للعلاج في الخارج، من قبل أحد الأخصائيين، وانتظر لأيام حتى بت المجلس الصحي في وضعيته، الذي طلب رأي أخصائي آخر، وهو ما تطلب الانتظار لأيام أخري، مما أثار ضجة وحالة من التضامن الواسع معه في صفوف العمال، بسبب تأخر رفعه.
وفي لقاء سابق له مع مناديب العمال، تعهد المدير العام الحالي لشركة “سنيم” المختار ولد أجاي، بتكفل الشركة بشكل استثنائي، تولي علاج أي عامل تمت إصابته في مواقع العمل، من خلال رفعه للخارج إن اقتضت الحاجة لذلك دون المرور بإجراءات الصندوق الوطني للتأمين الصحي “كنام”.
الدولة دفعت باتجاه “كنام”
حاولت الدولة الموريتانية منذ العام 2012، دفع الشركة الوطنية للصناعة والمناجم “سنيم”، للتعامل مع الصندوق الوطني للتأمين الصحي “كنام”، لكن الإدارات المتعاقبة على الشركة، ظلت تتحفظ على إبرام اتفاق بهذا الخصوص، وتتفادى الإقدام على تنفيذه، تفاديا لغضب العمال.
وفي العام الماضي أدت جدية الدولة في تعامل “سنيم” مع “كنام”، ودفعها في هذا الاتجاه، لشروع الإدارة في الرضوخ للموضوع، من خلال اتفاق تولي “كنام” جزء من تأمين علاج العمال.
وبحسب مصادر نقابية في الشركة، فإن الاتفاق الحالي لا يلقي ترحيبا في صفوف العمال ومناديبهم، الذين يتفاوضون مع الإدارة، وسبق لهم أن عبروا عن رفضهم للاتفاق، في لقاء مع رئيس المصادر البشرية، نهاية الشهر الماضي، وأمهلوا الإدارة حتي الخامس من الشهر الجاري، للرد على اعتراضاتهم على الاتفاق، لكن تلك الاعتراضات لم تلق أي ردود حتي الآن من إدارة الشركة بحسب ما أفادت مصادر نقابية لصحراء ميديا.
ويرجع المناديب في الشركة المنجمية، إقدام الشركة على هذا الاتفاق، للهوة التي أحدثتها بين العمال ومناديبهم.
وتعتبر طريقة التأمين الجديد لعمال “سنيم”، فريدة من نوعها، في تعامل صندوق التأمين الصحي، حيث لا يتوفر الصندوق على بيانات عمال الشركة، كما هو متبع مع مختلف عمال الجهات التي يتولي تأمينها، و لا يتوفر العمال على أرقام تأمين من قبل “اكنام”، بل تتولى الشركة دفع الاشتراكات المالية للصندوق بدلا من اقتطاعها من العمال.
ولجأ الطرفان لهذه الطريقة تفاديا لأي ضجة قد يحدثها رفض العمال دفع ملفاتهم لدى الصندوق بغرض التأمين، وفق ما تقوله بعض المصادر.
وعلى خلاف عمال شركة “سنيم” الحاليين تتولى “كنام” بالطريقة المعهودة تأمين المتقاعدين من عمال الشركة المنجمية، وتتكفل الأخيرة بدفع الاشتراكات المالية عن المتقاعدين.