أجرى مجلس الوزراء الموريتاني، في اجتماعه الأسبوعي العادي الذي انعقد اليوم الخميس، جملة من التعيينات التي شملت قطاعات حيوية ويمكن وصفها بأنها من أهم التعديلات التي طالت الجهاز التنفيذي منذ وصول محمد ولد الشيخ الغزواني إلى الحكم.
مجلس الوزراء في بيانه بدأ بتعيين مدير جديد للشركة الموريتانية للكهرباء (صوملك)، وذلك بعد أسابيع عاش فيها الموريتانيون انقطاعات متكررة للتيار الكهربائي، كان أغلبها بسبب مشاكل في التوزيع وسوء التسيير.
وخلفت الانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي في نواكشوط ونواذيبو، أكبر وأهم مدن البلاد، موجة من الاستياء أجمع عليها الموريتانيون في الموالاة والمعارضة، وكانت جميعها تصب اللوم على إدارة الشركة الموريتانية للكهرباء.
واختارت الحكومة أن تسند مهمة إدارة الشركة للمهندس محمد عالي ولد سيدي محمد، وهو أحد الكوادر الموريتانية المعروفة بخبرتها في مجال الطاقة، إذ سبق أن تولى منصب وزير النفط والطاقة خلال المرحلة الانتقالية (2005-2007) وكان شاهداً على بدايات موريتانيا في مجال إنتاج وتصدير النفط، وألف كتاباً حول الموضوع.
وكان ولد سيدي محمد يشغل قبل تعيينه اليوم منصب مستشار برئاسة الجمهورية، كما سبق وأن تقلد العديد من المناصب المتعلقة كلها بقطاع الطاقة؛ ولكن مهمة صعبة في انتظار الرجل، فالشركة الموريتانية للكهرباء تعاني من تراكم الديون، وسوء التسيير وتغلغل الفساد في مفاصلها.
وغير بعيد من (صوملك) قرر مجلس الوزراء إسناد مهمة الإدارة العامة للشركة الموريتانية للغاز (صوماغاز) إلى فاطمة بنت دحي، التي كانت تشغل منصب مدير ديوان الوزير الأول.
بنت دحي من مواليد تسعينيات القرن الماضي، درست القانون في جامعة الشيخ أنتا ديوب بالسنغال، بعد حصولها على شهادة الباكالوريا عام 2007، كأصغر فتاة موريتانية تنال هذه الشهادة، وكانت محل احتفاء وتكريم آنذاك.
وتعد بنت دحي أحد الوجوه الشابة التي برزت خلال السنوات الأخيرة، إذ عملت في اللجنة الوطنية للصفقات ثم في ديوان الوزير الأول لتعمل مع ثلاثة وزراء أوّل هم: يحيى ولد حدمين، وأحمد سالم ولد البشير، وأخيراً إسماعيل ولد ابده ولد الشيخ سيديا.
ودائماً في وزارة النفط عين مجلس الوزراء مديراً جديداً للشركة الموريتانية للمحروقات والأملاك المعدنية هو التراد ولد عبد الباقي، وهو مهندس يعد واحداً من أقدم الأطر العاملة في الشركة التي تتولى مهمة العمل مع الشركات الدولية التي تنقب عن النفط والغاز في البلاد.
ودخل ولد عبد الباقي الشركة منذ تأسيسها عام 2004 بموجب مسابقة وطنية، ومنذ ذلك الوقت وهو يتدرج في المناصب حتى تم تعيينه اليوم مديراً عاماً للشركة التي عمل فيها لقرابة 15 عاماً، كما سبق وأن شغل منصب مدير التشغيل في شركة (صوماغاز).
من التعيينات اللافتة التي صدرت عن مجلس الوزراء اليوم، تولي محمد الأمين ولد خطري لمنصب المدير العام للمؤسسة الوطنية لتنفيذ الأشغال المنجزة بالمواد المحلية، وهي شركة تتبع لوزارة الإسكان والعمران والاستصلاح الترابي.
وولد خطري شخصية سياسية معروفة في مقاطعة الطينطان، سبق أن كان عمدة للمدينة، ويحتدم الصراع بينه وشخصيات بارزة في حزب «تواصل» الإسلامي على تصدر المشهد في المدينة ذات التأثير السياسي المعتبر في ولاية الحوض الغربي.
ولد خطري يحمل وراءه تجربة دبلوماسية مهمة، إذ سبق أن عمل سفيراً في ليبيا، قبل أن يتفرغ للعمل السياسي المحلي، وتقلد العديد من المناصب التي من أشهرها المدير العام للشركة الموريتانية للإيراد والتصدير (سونمكس).
ولكن ولد خطري خرج من إدارة (سونمكس) عام 2016، في إطار ما يعرف بـ «فضيحة الأسمدة»، التي أرغمت نظام ولد عبد العزيز على إقالته من منصبه، وتصفية الشركة بعد ذلك بسبب ملفات فساد كبيرة أودت بالشركة إلى الإفلاس.
تعيين آخر شهدته وزارة المياه والصرف الصحي، حين قرر مجلس الوزراء أن يسند مهمة إدارة الشركة الوطنية للماء إلى سيدي محمد ولد الطالب اعمر، وهو شخصية دبلوماسية معروفة سبق أن تولى منصب سفير موريتانيا في موسكو لأكثر من ثماني سنوات، ويشغل اليوم منصب سفير موريتانيا في نيويورك.
ولكن ولد الطالب أعمر ليس غريباً على الجهاز التنفيذي، إذ سبق أن شغل منصب وزير التنمية الريفية في آخر حكومة عينها الرئيس السابق معاوية ولد سيدي أحمد الطائع، والتي أطيح بها في انقلاب عسكري أبيض عام 2005.
وزارة الثقافة الوصية على الإعلام، شهدت تعينين أحدهما كان تولي محمد فال ولد عمير الإدارة العامة للوكالة الموريتانية للأنباء، وهو واحد من أبرز وأقدم الكتاب والصحفيين في البلاد، وهو المدير الناشر لصحيفة (لاتريبين) الناطقة باللغة الفرنسية.
كما تم تعيين الناجي ولد الصبار مديراً عاماً للمطبعة الوطنية، التي تعاني من أزمة مالية خانقة، أدت بها خلال السنوات الماضية إلى التوقف عن العمل عدة مرات، ما أدى إلى توقف جريدة الشعب (الرسمية) عن الصدور لعدة أسابيع، وهو أمر غير مسبوق.
ويرجع القائمون على المطبعة الوطنية الأزمة التي تمر بها إلى عدم تسديد ديون متراكمة تستحقها المطبعة على بعض الوزارات والمؤسسات الرسمية.