عرض ليل الأحد/الاثنين في قاعة العروض بالمعهد الوطني لتكوين اطر الشباب والرياضة، (دار الشباب القديمة) العرض المسرحي “الترياق الأزرق”، لجمعية إيحاء المسرحية، المشارك في المسابقة الرسمية للمهرجان الوطني للمسرح الموريتاني الجارية نسخته الثانية حاليا.
العرض يسلط الضوء على ظاهرة الهجرة، بمفهومها المبسط ، ويبحث عن الدوافع خلف هذه الظاهرة، من خلال ثلاث شخصيات تعيش في نفس الزمان والمكان، رغم اختلاف الظروف والأسباب التي دفعت كل شخصية للتفكير في الهجرة.
يستخدم صناع العمل طريق “تراجيكوميديا”، بلغة بسيطة تمزج بين اللهجة الحسانية، واللغة العربية الفصحي، لمدة خمسين دقيقة ، بين السرد بشقيه اللفظي الجسدي مع استغلال مختلف مناطق الخشبة.
استهل العرض بمشهد تعريفي بالشخوص والظروف المحيطة، وبقالب كوميدي ساخر، قبل أن تتوالى الأحداث وتتكشف خلفية الشخصيات، التى يحمل كل منها هما ثقيلا، دفعه لشاطئ المحيط طالبا الهجرة بعدما أنهكته المواجهة.
بعد الكثير من المواجهة بين الشخوص والواقع، وبينها وضمائرها، تبقى حائرة فلاهي هاجرت وتركت أوطانها، ولا هي عادت واستقرت في وطنها الذي ضاق عليها.
يقول مخرج العمل وكاتبه سلي ولد عبد الفتاح، إن “السبب وراء تناوله لظاهرة الهجرة، هو إحدى القصص التي حدثت في حيه، مع أم فقدت ابنها في قوارب الهجرة نحو أروروبا، وكانت تجيب كل سائل عن الطريقة التي غرق بها، وأسباب الغرق، بآهات مشحونة بالألم دون أن تتحدث”.
ويضيف سلي، في حديث لصحراء ميديا، أن “هذه المرأة استفزته كثيرا، وحين فكر في الظاهرة، وجد أنها تستحق تسليط الضوء عليها، وعلى الأسباب الكامنة خلفها، خاصة فيمجتمع كالمجتمع الموريتاني”.
خلال تتابع الأحداث في العرض، يستعرض الممثلون، معظم الظروف التي تؤثر بطريقة أو بأخرى على لجوء الشباب للهجرة، بعد أن ضاقت عليهم أوطانهم ،بسبب الظلم، والغبن، والبطالة أحيانا، وفي أحيان كثيرة بسبب التطرف.
وظل مخرج العرض حريصا على ربط المتلقي بإفريقيا، كوطن كبير يعاني أولاده؛ من خلال صوت إفريقي لإحدى الممثلات في العرض؛ صوت يحمل الكثير من الألم، ومشحون بالآهات، يسد جميع الفراغات في العرض، ويتم استعماله في كل مرحلة من مراحل العرض.
فيما كان حديث النفس، أكثر صدقا واستفزازا للمتلقي، حيث عبر الممثلون من خلال حوار داخلي، عن معاناتهم الفردية، تناغم فيه الصوت والإضاءة، مع الآهات الإفريقية القادمة من الخلف.
وحسب المخرج الموريتاني التقي ولد عبد الحي، الذي علق على العرض، فإن “هذا العمل يعبر عن خلفية ثقافية، وارتباط عميق بالقضايا المحلية والإفريقية على وجه الخصوص، معتبرا أنه عمل يجعل المشتغلين بالمجال مطمئنين على أن هناك جيلا من الشباب يمكنه النهوض بالمسرح الموريتاني، وحمل رايته في المحافل الدولية”.
العرض حظي بنقاش موسع، من قبل بعض المهتمين والحاضرين للمهرجان الوطني للمسرح الموريتاني، الذي تختتم نسخته الثانية مساء اليوم الاثنين.
ومن المنتظر أن تعلن لجنة التحكيم، التي تضم مخرجين عرب، النتائج النهائية للمسابقة الرسمية للمهرجان، التي تشمل عدة مجالات، وتبلغ جائزتها الكبري خمسة آلاف دولار، فما تبلغ أقل جوائزه قيمة مالية ألف دولار (1دولار يساوي 36.96 أوقية جديدة).
وشارك في النسخة الحالية من المهرجان، الذي يحظي بدعم من قبل الهيئة العربية للمسرح، التابعة لدائرة الثقافة والإعلام بإمارة الشارقة، في الإمارات العربية المتحدة، ورعاية رسمية موريتانية، 10 فرق تمثل مختلف مناطق موريتانيا، تتنافس على جوائز المهرجان التسع.