أصبح قيس سعيد، أستاذ القانون المغمور حتى وقت قصير مضى والذي حظي بتأييد كبير بين الشباب، رئيسا لتونس ب72,71 في المئة من الأصوات، بحسب النتائج الرسمية التي أعلنت اليوم الاثنين.
وقال رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات نبيل بفون في مؤتمر صحافي “تصرح الهيئة بفوز قيس سعيد في الانتخابات الرئاسية لسنة 2019”.
وأوضح بفون أن سعيد حصل على 72,71 في المئة من الأصوات، وجمع منافسه رجل الأعمال الملاحق قضائيا نبيل القروي 27,29 في المئة.
وصو ت 2,7 مليون ناخب لسعي د بينما صو ت 1,04 مليون ناخب للقروي في الانتخابات التي جرت الأحد.
وبلغت نسبة المشاركة الإجمالية 55 في المئة، وهي نسبة أعلى من تلك التي سجلت في الدورة الأولى (49 في المئة)، وفي الانتخابات التشريعية التي تلتها (41 في المئة).
ويمكن لسعيد والقروي أن يقدما طعونا في النتائج خلال الأيام القادمة تنظر فيها المحكمة الإدارية.
وهنأ القروي منافسه سعيد بفوزه، وفقا لبيان صادر الاثنين عن حزب “قلب تونس”.
ويصبح بذلك قيس سعيد ثاني رئيس لتونس ينتخب بالاقتراع المباشر منذ ثورة 2011 ومن المقرر أن يؤدي اليمين نهاية الشهر الحالي.
وأفردت الصحف التونسية الصادرة الاثنين صفحاتها الأولى لتحليل فوز سعيد الذي دخل السياسة حديثا ولا يتبنى توجها سياسيا معينا.
وكتبت صحيفة “الشروق” اليومية أن “الشعب منحه انتصارا باهرا”. بينما عنونت صحيفة “الصباح الأسبوعي” الاثنين “والآن الى الأهم”، مشيرة الى ان نتائج الانتخابات “ستكون بداية لمرحلة جديدة في تاريخ بلادنا (…) للخروج من حالة الضيق التي عاشتها البلاد خلال السنوات الأخيرة وما رافقها من أزمات اقتصادية واجتماعية”.
وركزت صحيفة “لابراس” الناطقة باللغة الفرنسية في افتتاحيتها على “استيقاظ الشباب”، وفسرت الصحيفة أن “عودة الشباب بقوة الى صناديق الاقتراع مرده تشبيب السجل التجاري عبر تسجيل عدد كبير من الشباب في أبريل من قبل الهيئة بالإضافة الى حركية هامة على مواقع التواصل الاجتماعي”.
وأظهرت نتائج استطلاع للرأي أن تسعين في المئة من الشباب الذي تتراوح أعمارهم بين 25 و28 عاما صو توا لصالح سعي د. وأصيب الشباب التونسي بخيبة أمل بعد فشل الحكومات المتعاقبة في تنفيذ وعود ثورة 2011 التي أطاحت بالرئيس الراحل المتسلط زين العابدين بن علي، وفي ظل أزمة اقتصادية شديدة ونسبة بطالة مرتفعة.
وحصلت تعبئة واسعة لصالح سعيد في صفوف الشباب خلال الحملة الانتخابية. وبدا واضحا أنها رد على الطقم الحاكم، ورفض لكل الأحزاب وللأداء السياسي.
ونظم عدد كبير من الشباب السبت والأحد رحلات مشتركة من مقر سكنهم في مناطق مختلفة من تونس الى العاصمة حيث اقترعوا لصالح سعي د.
ويقول المحلل السياسي سليم الخراط إن سعي د “انت خب بأريحية” وحاز تقريبا على ثلاثة ملايين صوت، وهو ضعف عدد الناخبين الذين صوتوا لانتخاب 217 نائبا في الانتخابات التشريعية.
وتعتبر هذه النتيجة “رسالة الى البرلمان (…)، إذ توجه الناخبين كان نحو مشروع تغليب النزعة الأخلاقية على الحياة السياسية ومقاومة الفساد ومنح سلطة أكبر للكتل المحلية”.
ولم يتمكن رجل الإعلام نبيل القروي من الفوز ولم تسعفه القاعدة الانتخابية التي شكلها منذ سنوات عبر زيارات ميدانية قام بها في مناطق داخلية مهمشة في تونس هدفت الى تقديم مساعدات لمقاومة الفقر.
وكان تأهل للدورة الثانية في الانتخابات الى جانب سعي د بالرغم من كونه كان مسجونا. وحل حزبه “قلب تونس” في الانتخابات التشريعية ثانيا في البرلمان بكتلة تجمع 38 نائبا، بعد حزب النهضة ذي التوجه الإسلامي.
ووجه القضاء تهم غسل أموال وتهرب ضريبي لنبيل وشقيقه غازي. وتم توقيف نبيل القروي في 23/أغسطس الفائت وأطلق سراحه الأربعاء الفائت.
ويعتبر القروي أن القضاء ظلمه. وقال إن “نكران العدالة” له حرمه من القيام بحملته الانتخابية كبقية المرشحين.
وقال النائب لطفي المرايحي “التونسيون يبحثون عن النزاهة”. ولذلك انتخب سعي د الذي “يشكل إرادة القطع مع النظام القديم”.
ويتبنى “الأستاذ”، كما يلقبه طلابه، بعض الأفكار المحافظة، ويجمع حوله شخصيات معروفة بمواقف مماثلة، وأثار ذلك نقاشا واسعا منذ بروزه بعد الدورة الرئاسية الأولى.
ويتبنى سعي د أيضا أفكار الثورة التونسية وشعاراتها، ويرفع لواء “الشعب يريد”، ويدعو الى توزيع السلطة على المناطق عبر انتخاب ممثلين عنها.
ودعا حزب “النهضة” الذي خرج مرشحه الى الرئاسة منذ الدورة الأولى، قواعده الى التصويت لسعيد في الدورة الثانية.
ويمنح الدستور التونسي صلاحيات توصف بالمحدودة لرئيس البلاد تتعلق أساسا بملفات الخارجية والأمن القومي والدفاع الى جانب إمكانية اقتراح مشاريع قوانين.
وأفرزت الانتخابات النيابية برلمانا بكتل نيابية مشتتة، وحلت النهضة أولا ب52 مقعدا وباشرت مشاورات مع الأحزاب الفائزة من أجل تقديم رئيس حكومة ليشكل بدوره ولاحقا حكومة تتطلب 109 صوتا في البرلمان لكي تتم المصادقة عليها.
ومن المنتظر أن يؤدي سعي د القسم الدستوري نهاية الشهر الحالي ويتولى مهامه في قصر قرطاج خلفا للرئيس بالنيابة محمد الناصر الذي يشغل المنصب منذ وفاة الباجي قائد السبسي في 25يوليو الفائت.
المصدر؛ وكالة الأنباء الفرنسية