عاشت موريتانيا خلال الأيام الماضية جدلاً فقهياً واسعاً حول موعد يوم عرفة، وذلك بعد أن اختلفت رؤية الهلال في البلاد مع الرؤية في المملكة العربية السعودية، وبحسب رؤية موريتانيا فإن يوم عرفة سيكون غداً الأحد، بينما يقف به الحجاج اليوم السبت.
واحتدم الجدل حول طبيعة «يوم عرفة» إن كان زمانياً أو مكانياً، وهل يصام السبت أم الأحد، وهو جدل شارك فيه فقهاء وعلماء، وظهر على العديد من صفحات مواقع وتطبيقات التواصل الاجتماعي.
وقال الشيخ محمد ولد سيدي يحيى إن يوم عرفة هو يوم التاسع من شهر ذي الحجة، وذلك مبني على رؤية هلال الشهر، وأضاف أن كبار الصحابة والمسلمين كانوا يصومون يوم عرفة حسب رؤية الهلال.
وأوضح ولد سيدي يحيى أن يوم عرفة بالنسبة لغير الحجاج مبني على الرؤية، وقد لا يتفق بالضرورة مع يوم وقوف الحجاج بجبل عرفة.
وأضاف ولد سيدي يحيى أنه لا يمكن لأي حاج أن يقف بعرفة قبل أن تعلن المملكة العربية السعودية رؤية الهلال، ولو تمت رؤيته في عشرين بلداً إسلامياً آخر، مشيراً إلى أن بعض بلدان الخليج القريبة من السعودية لا تتفق معها في الرؤية.
من جهة أخرى قال الشيخ محمد الحسن ولد الددو في مقطع صوتي متداول على وسائل التواصل الاجتماعي إن « الرؤية الأولى هي المعتبرة أيا كان مكانها »، أي أنه يمكن اعتماد الموريتانيين لرؤية الهلال في أي بلد من العالم الإسلامي.
وأضاف ولد الددو في المقطع الصوتي المقتضب، أن الدليل على عموم الرؤية هو ما جاء في مختصر الشيخ خليل: « وعم إن نقل بهما عنهما »، وبحسب هذا القول فإن يوم عرفة سيكون بالنسبة للموريتانيين اليوم السبت.
وقد احتدم النقاش بين الموريتانيين على « الفيسبوك » و« الواتساب »، مركزاً على نقطة صوم يوم عرفة، إذ يرى العديد من الموريتانيين أن صوم يوم الأحد هو صوم يوم شك لأن هنالك من يقول إنه يوم عيد الأضحى.
ودخل على خط النقاش الشيخ محفوظ ولد الوالد، المكنى أبو حفص الموريتاني وهو المفتي السابق لتنظيم « القاعدة »، وقال إن « يوم عرفة.. هل هو يوم الوقوف به، أم هو يوم التاسع من ذي الحجة حسب رؤية كل بلد؟ »، مشيراً إلى أن هذا السؤال « يطرح كثيرا كلما اختلفت رؤية هلال ذي الحجة بين بلاد الحرمين، وغيرها من البلاد، كما هو حاصل هذه السنة ».
وأوضح ولد الوالد أن « هذه المسألة فرع عن مسألة اختلاف المطالع، وأثره في الحكم بعموم رؤية الهلال »، مشيراً إلى أن الراجح من أقوال أهل العلم في هذا الباب أن « اختلاف المطالع، مؤثر يقتضي اختلاف الأقطار في إثبات الرؤية »، وهي مسألة اعتبر أنها « أشبعت بحثا من قبل، والأدلة فيها معروفة ».
أما الراجح الثاني فهو أن يوم عرفة « علم على الزمان ، لا على المكان، فهو علم على يوم التاسع من ذي الحجة حسب رؤية كل أهل بلد، وإن سبق يوم الوقوف بعرفة، أو تأخر عنه ».
وأوضح ولد الوالد أن « لكل بلد مختلف المطلع حكمه في إثبات رؤية رمضان، وشوال، وما يترتب على ذلك من صيام، وفطر، فكذلك الشأن بالنسبة لذي الحجة، ويوم عرفة »، موضحاً أن « الدول التي بدأ شهر ذي الحجة فيها يوم السبت، سيكون يوم عرفة فيها يوم الأحد المقبل، وإن كان يوافق يوم العاشر حسب الرؤية في بلاد الحرمين ».
وخلص ولد الوالد إلى القول: « ولكن من أراد أن يصوم يوم وقوف الحجاج بعرفة (يوم السبت) ليضمن صيام يوم الوقوف، فخيرا فعل، فهذه العشر صيامها سنة ».