حضرت خلال شهر رمضان المنصرم المسابقة القرآنية التي نظمتها مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة بمشاركة جميع الدول الإفريقية الممثلة في المؤسسة،باستثناء دولة واحدة، وقد أثلج صدري ما شهدته من حفظ متقن وعناية كبيرة بكتاب الله تعالى في هذه القارة، حتى في الدول التي يعتبر المسلمون أقلية فيها.
وكانت أيام تنظيم هذه المسابقة القرآنية من أحسن وأروع الأيام التي عشتها في حياتي، خاصة أنها كانت في مدينة فاس المحروسة، العاصمة العلمية والروحية للمملكة المغربية، وملجأ ومأوى المحبين والمشتاقين لاستنشاق عرف طيب ذلك التجلي الإيماني والنفس الروحاني الذي يجد فيه كل طالب مقصد حضرته.
سماء بها إدريس يلمع قدره …. وأرض بها إدريس يكنز غاليا
وقد كان اختيار مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة لجامع القرويين من أجل احتضان المسابقة في غاية التوفيق، حيث تعانق عبق التاريخ العلمي والإشعاع الحضاري والعطاء الروحي للملكة المغربية في هذه المعلمة الحضارية بخصوصياتها المميزة التي لا يجهلها إلا معاند أو مكابر، لما لها من دور في نشر العلوم والمعارف في ربوع القارة الإفريقية والعالم.
هذا المقام على تقوى من الله … قامت دعائمه لله بالله
ومما لفت انتباهي في المسابقة القرآنية حسن انتقاء لجنة التحكيم حيث أظهرت تشكيلتها الغنية والمتنوعة خبرة القائمين عليها في الخريطة الإفريقية لحملة كتاب الله تعالى رواية ودراية، وقد تابعت بدقة تقييم هذه اللجنة للمتسابقين وأحكامها على أدائهم وملاحظاتها عليهم، فكانت على قدر كبير من الحياد والدقة والموضوعية والالتزام.
ومن أحسن مشاهد حفل افتتاح المسابقة القرآنية استهلاله بآيات من الذكر الحكيم قرأها طفل صومالي يبلغ من العمر اثنتي عشرة سنة ويجيد القراءت العشر.
وبعد ذلك ألقى الأمين العام لمؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة كلمة توجه فيها بالشكر والتقدير إلى جلالة الملك محمد السادس حفظه الله، على العناية الفائقة التي يوليها لكتاب الله تعالى على المستوى المحلي والإقليمي والدولي والتي يعتبر هذه تنظيم المسابقة القرآنية ثمرة من ثمراتها.
كما شكرفي ختامها المكلف بمهمة في مؤسسة محمد السادس السيد عبد اللطيف البكدوري الأشقري على دوره البارز في تنظيم المسابقة، وهو شكر مستحق لما رأينا من حرصه على متابعة دقائق التفاصيل التنظيمية وسهره على راحة المتسابقين ومرافقيهم.
وبصفتنا متابعين لسير المسابقة نشكر سيادة الأمين العام الدكتور سيدي محمد رفقي على مواكبته لمجرياتها، ومرافقته للمشاركين بحسن خلقه وتواضعه، حيث كان بينهم طيلة يومي المسابقة لا يكاد من لا يعرفه يميز بينه وبين مرافقي المتسابقين.
وكخلاصة لمتابعة كافة تفاصيل المسابقة القرآنية فقد لا حظنا وجود ثروة حقيقية من البراعم حملة كتاب الله تعالى تستحق من القائمين على الشأن العام في إفريقيا الكثير من الرعاية والتوجيه والتحصين والمتابعة حتى تكون في مأمن من مخططات دعاة الغلو والتطرف والفتنة من المتربصين بأمن قارتنا الإفريقية العظيمة واستقرارها.
ونلتمس في هذا الصدد من مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة أن تسد هذه الثغرة بالإسهام في توفير بيئة حاضنة لهؤلاء الأطفال حتى لا ينحرف بهم المسار إلى ما لا تحمد عقباه.
وفي الختام نسأل الله تعالى أن يجزي خير الجزاء جلالة الملك محمد السادس حفظه الله على إنشاء هذه المؤسسة التي تسعى إلى توحيد وتنسيق جهود العلماء المسلمين، بكل من المغرب وباقي الدول الإفريقية، للتعريف بقيم الإسلام السمحة ونشرها وترسيخها.