احتفى اتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين، ليل السبت/ الأحد، بالأكاديمي والمفكر الموريتاني، الدكتور جمال ولد الحسن،في ذكرى وفاته الثامنة عشر.
وقال وزير الثقافة والصناعة التقليدية والعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، سيدي محمد ولد محم، الذي كان أحد الذين درسهم الراحل،« أحضر هذا الحفل بصفتي تلميذا للمرحوم جمال ولد الحسن، وهو أمر أعتز به، وأعتز به أكثر لأنني أعرف أنه في حضرة جمال نكون كلنا تلاميذ ».
وذكر الوزير ولد محم، أن جمال ولد الحسن هو من أشرف على رسالة تخرجه من الجامعة، هو والرئيس السابق لحزب التجمع من أجل الإصلاح والتنمية « تواصل »، محمد جميل ولد منصور الذي كان حاضرا للحفل أيضاََ .
وأضاف ولد محم في كلمته، أنه برحيل جمال ولد الحسن، خسرت الساحة الأدبية والفكرية والصوفية والعرفانية في موريتانيا أحد أبرز رموزها، وفق تعبيره.
وخلص ولد محم في كلمته ، إلى أن رحلة جمال كانت خالصة لوجه الله تعالى، وخدمة للعلماء والعلماء.
وقال رئيس اتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين، محمد ولد أحظانا في كلمته الافتتاحية « نحن نحتفي بجمال ولد الحسن، باعتباره أمينا سابقا للاتحاد، وأيضا باعتباره معلما وعالما ومتصوفا وباعتباره شاعر بالفصحى وباللهجة الحسانية، و باعتباره محدثا لبقا وباعتباره مؤرخا، وفق تعبيره.
وأشار إلى أن « جمال ولد الحسن كان عمره قصيرا بالمقياس الزمني، لكنه كان طويلا بمقياس الإبداع وعريضا بمقياس الانتاج ».
وقدم الأديب والشاعر التقي ولد الشيخ عرضا عن حياة الراحل ومساره المهني، مبرزا دوره الأكاديمي الطلائعي في موريتانيا.
وذكر ولد الشيخ بأرز قصائد الراحل سواءََ كانت من الشعر الفصيح أو اللهجي ، و عن أبرز الأطروحات الأكاديمية التي أشرف عليها الراحل وسرعته بديهته وظرافته.
وقال التقي ولد الشيخ في سياق حديثه عن جمال « كل شيء يمكن أن يطاله الاختصار إلا الحديث عن جمال ولد الحسن »
وختم ولد الشيخ بقصيدة كان قد رثا بها الراحل، نالت إعجاب الحاضرين.
وفي السياق ذاته تحدث الدكتور السيد ولد اباه، عن الراحل، الذي كان أحد أصدقائه، قائلا « إن جمال كان مؤسسا لحقل معرفي كامل في هذه البلاد، سواء تعلق الأمر بتخصصه الضيق الذي هو الأدب العربي، والمناهج الحديثة في دراسته، (المناهج اللسانية والأسلوبية)، وسواء تعلق الأمر بالمبحث التاريخي أو تعلق الأمر بالمبحث الاجتماعي، أو تعلق الأمر بالدراسات الإسلامية »، وفق تعبيره.
وأشار السيد ولد اباه، إلى دراسات تأسيسية رائدة، لجمال ولد الحسن كان شاهدا على كتاباتها، تبين الجانب « المؤسس » لدى جمال ، منها دراسته حول النقد في الشعر الموريتاني، من خلال خواطر “عينية الشيخ سيدي محمد بن الشيخ سيديا” التي نشرت في حوليات كلية الآداب في تونس 1983، وكذلك دراسته الرائدة، حول تطور الوعي القومي عند مثقفي بلاد شنقيط في القرنين 18 و19م، التي نشرت ضمن كتاب « الوعي القومي في المغرب العربي »، الذي صدر عن مركز دراسات الوحدة العربية.
وأكد ولد اباه على أنه كان لدى الراحل هماََ تأسيسيا، « وليس سرا أنه أشرف على أهم التحقيقات التي حققت بها الدواوين الموريتاني في القرن الثالث عشر ». وفق تعبير ولد اباه.
أما الدكتورة والشاعرة أمباركة بنت البراء، نائب رئيس اتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين، فآثرت أن تتحدث في البعد الصوفي في الشعر الشعبي للراحل، قائلة إن جمال كان شاعرا متمكنا باللغة الحسانية ومنظرا نقديا واعيا لتجربته.
مشيرة إلى أنه كان رائد مدرسة حديثة في المجال، وقدمت قراءة نقدية أسلوبية للشعر الصوفي لجمال ولد الحسن.
ودعت بنت البراء الأدباء والدارسيين، إلى الاهتمام بالجانب الشعري الصوفي في تجربة جمال ولد الحسن، واصفة أياها بالثرية.
وقالت بنت البراء « أعتقد أن الحديث عن الأستاذ جمال،والدكتور جمال، والباحث جمال، يستعدي دوما أحاديث كثيرة، وتبقى دوما معلقة، لأنها لا يمكن أن تفيه حقه ».
من جهة أخرى، ركز الأستاذ عرفات بن فتى، الأستاذ في محظرة النباغية، على الجانب المحظري للراحل جمال ولد الحسن ، مشيرا إلى خوضه في العلوم الشرعية، مؤكدا أنه كانت لديه مباحث دقيقة في العلوم المحظرية، مثنيا على الفترة التي أمضاها جمال ولد الحسن في محظرة النباغية، واصفها بالذكريات الطيبة.
و ألقى الأدباء والشعراء في الحفل عشرات القصائد الرثائية للراحل، كما تضمن عشرات الشهادات من طلابه ومحبيه.
يتعبر الراحل جمال ولد الحسن، أحد أبرز المفكريين الأكاديمين، والنقاد الموريتانيين وأول الدراسين والمؤسسين للخطاب النقدي في موريتانيا ، و تخرج على أيديه عشرات الطلاب في موريتانيا، وحقق عشرات الأبحاث والرسائل، وكان له إسهام بارز في الساحة الثقافية والفكرية.
حصل جمال ولد الحسن، على دكتورا الدولة في الأدب العربي، من كلية الآداب بتونس شتاء 1987، بتقدير مشرف جدا، وترأس قسم الترجمة واللغة الحية بكلية العلوم الإنسانية ما بين الفترة 1988-1990.
وعمل في المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة لمدة سنوات تنقل فيها ما بين عدة مراكز ، من إختصاصي برامج إدارة إلى خبير بإدارة الثقافة إلى مندوب للمنظمة في جزر القمر.
كما عمل الراحل في بمعهد الهجرة تمبكتو شمالي مالي لمدة عام، كانت فرصة لتحقيق عشرات الأبحاث في مكتبات تمبكتو.
وافته المنية في ريعان شبابه إثر حادث سير في الإمارات العربية المتحدة حيث كان يعمل في « عجمان » 18 مايو 2001، تاركا خلفا الكثير من المؤلفات والدراسات.