دعت الولايات المتحدة مجلس الأمن الدولي للنظر في إمكانية خفض عدد قوات بعثة حفظ السلام في مالي بشكل كبير، مشيرة إلى فشل جهود إحلال السلام في البلد الواقع في غرب إفريقيا، وهو ما عارضته فرنسا، وذلك خلال نقاش شهده مجلس الأمن الدولي أمس الجمعة.
وسيقرر مجلس الأمن الدولي في شهر يونيو المقبل إن كان سيجدد مهمة القوة المكونة من 15 ألف عنصر، والمعروفة باسم (مينوسما)، والتي تأسست في 2013.
وقال وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية ديفيد هيل إنه « بالرغم من بعض التقدم الذي تحقق في الأشهر الأخيرة، وبعد تقدم متواضع فقط في السنوات السابقة، حان الوقت لتقييم إن كان وجود بعثة لحفظ السلام في بيئة من هذا النوع هو الحل المناسب أو الفعال للمشكلة في شمال مالي ».
وطلبت واشنطن من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش تقديم خيارات من أجل « تعديل مهم » في مينوسما قبل بدء المفاوضات على تمديد مهمتها، إلا أن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان قال أمام المجلس إن مينوسما تعد « التواجد الدولي الوحيد في هذه المنطقة » القادر على دعم جهود حكومة مالي.
إلا أن هيل أشار إلى أن عناصر البعثة التي خسرت عشرات الجنود في هجمات دامية، يعملون « في بيئة بعيدة جدا عن حدود حفظ السلام التقليدية » إذ يواجهون عناصر متطرفة « قادرة على الحركة وذكية ومنظمة بشكل جيد ولا تبدو مستعدة للاستسلام ».
بدوره، حذر رئيس وزراء مالي سوميلو بوبيي مايغا من أن أي انسحاب جزئي لقوات مينوسما قد يعرض المكاسب الهشة التي تم تحقيقها لإنهاء النزاع في مالي إلى الخطر.
وقال ميغا أمام مجلس الأمن إن « بلدنا يعمل كسد في وجه خطر الإرهاب وعلينا ألا نقلل من أهمية حجم أو قدرة هذه الحركة على التحرك أبعد من حدودنا أو حتى أبعد من القارة ».
ودعا غوتيريش لمواصلة دعمها « الكامل لمينوسما »، مشيرا إلى أن الأمن في مالي مفتاح أمن منطقة الساحل كلها « ويؤثر على الاستقرار العالمي ».
في غضون ذلك أعلنت الخارجية الكندية أنها لن تمدد مساهمتها فى بعثة حفظ السلام في مالي بالرغم من مناشدة الأمم المتحدة لها بالبقاء لفترة أطول.
ومن المقرر أن تتوقف 8 مروحيات كندية و250 جندياً عملياتهم في مالي بتاريخ 31 يوليو، ومع ذلك فإن بدائلهم الرومانيين لن يكونوا جاهزين لإحلال محلهم حتى منتصف أكتوبر القادم.
وكانت الأمم المتحدة قد طلبت الشهر الماضى رسميا من كندا أن تواصل العمل لمنع حدوث فجوة فى عمليات الإجلاء الطبى المنقذة للحياة لجنود حفظ السلام المصابين.
ورفضت كندا شرح سبب رفضها تمديد المهمة باستثناء القول أن الحكومة تحترم التزامها تجاه الكنديين والأمم المتحدة والحلفاء.
وأشار منتقدو الحكومة إلى رفض الليبراليين تمديد المهمة باعتبارها رمزا لفشل الحكومة فى الوفاء بوعدها الأكبر بدعم الأمم المتحدة وحفظ السلام.
أما مندوب الصين الدائم لدى الأمم المتحدة « ما تشاو شيوي »، فقد حث على تكثيف الجهود المبذولة لدفع عملية السلام والمصالحة في مالي، وقال في كلمة أمام مجلس الأمن إن « الصين تأمل أن يعمل جميع أطراف اتفاق السلام في مالي على توطيد الزخم السياسي الإيجابي الحالي، وتعزيز الثقة المتبادلة على نحو مستمر، ووضع مصالح البلد والشعب أولا، والتعهد بالتزام مشترك تجاه تنمية وبناء البلد ».
ودعا المجتمع الدولي للمساعدة في تحسين قدرة مالي فيما يتعلق بالتنمية والحوكمة، مؤكدا في الوقت نفسه أن نظام العقوبات الذي فرضه مجلس الأمن الدولي تجاه مالي « يجب أن يستهدف دعم العملية السياسية وأن يتقيد بشكل صارم بولايته ».
وتشهد مالي أعمال عنف دامية منذ 2012، بدأت بتمرد في الشمال انتهى بسيطرة جماعات إسلامية مسلحة على كبريات المدن، قبل أن تتدخل فرنسا مدعومة بقوات دولية، ومؤخراً تطورت حالة التوتر لتأخذ طابعاً عرقياً وسط البلاد.