تظاهر الآلاف وسط العاصمة الجزائرية اليوم الجمعة، يوم العطلة الأسبوعية الذي أصبح موعد الاحتجاج منذ أربعة أسابيع، وتعد هذه أول تظاهرة بعد إعلان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة تأجيل الانتخابات وتمديد ولايته.
وبدت التعبئة مشابهة للجمعة الماضية، التي وصفت بالاستثنائية، ويشارك في المسيرات الأطفال والنساء كما الرجال في أجواء احتفالية في كبرى شوارع مدينة الجزائر.
وقالت وكالة فرنس برس إن التظاهرة بدأت تتعاظم بعد فراغ المصلين من صلاة الجمعة وخروجهم من المساجد، ليفيضوا كلهم إلى وسط المدينة، حتى ضاقت بهم الشوارع.
واضطرت شاحنات الشرطة المحاصرة بآلاف المتظاهرين إلى مغادرة المكان بعد أن أفسح المتظاهرون الطريق، دون مقاومة.
وبدأ المتظاهرون في التجمع في ساحة البريد المركزي ثم تزايد عددهم شيئا فشئيا قبل ساعتين من موعد التظاهرة المنتظر كما في كل جمعة منذ 22 فبراير.
وككل يوم منذ ثلاثة أسابيع ركنت الشرطة شاحناتها في شارع عبد الكريم الخطابي بين ساحتي أودان والبريد المركزي.
وفي العاشرة صباحا (9:00 تغ) بدأ مئات المتظاهرين بينهم نساء وأطفال في التجمع بأماكن عديدة من المدينة، حاملين الأعلام الجزائرية وهم يصيحون بشعارات مناهضة للنظام ولبوتفليقة، دون أن تتدخل الشرطة لتفريقهم.
وقال بعضهم إنهم جاؤوا من مدن أخرى مثل تيزي وزو على بعد 100 كلم شرق الجزائر، وقضوا الليلة في العاصمة عند عائلاتهم وأصدقائهم، خشية عدم تمكنهم من الوصول بسبب توقف وسائل النقل عن العمل، أو الحواجز الأمنية التي تمنع مرور السيارات.
والتحق سكان الأحياء المجاورة بالتجمع الذي ازداد تضخما، وأخرجوا الأعلام من الشرفات والنوافذ، بينما بدأت السيارات بإطلاق المنبهات دعما للمتظاهرين.
وعلى إحدى اللافتات كتب متظاهر “تمثلون علينا بأنكم فهمتم رسالتنا فنمثل عليكم بأننا سمعناها”، بينما كتب أخر “أعوذ بالله من النظام الرجيم”.
وبالاضافة إلى اللافتات المعارضة للحكم وشعارات “الشعب يريد إسقاط النظام” ظهرت لافتات ضد الوجوه الجديدة للنظام، رئيس الوزراء الجديد نور الدين بدوي ونائبه رمطان لعمامرة والدبلوماسي لخضر الابراهيمي أحد القلائل الذين يحضون باستقبال بوتفليقة منذ إصابته بجلطة في الدماغ في 2013.
واقتبس المتظاهرون من النشيد الوطني التونسي للشاعر ابو القاسم الشابي “إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد ان يسقط الطغاة”.
وكتعبير لرفض تعيين الابراهيمي رئيسا ل “الندوة الوطنية” رفع محتجون لافته عليها صورته وعبارة “لانريد بناء سفينة جديدة بحطب قديم”.
كما رفع المتظاهرون عدة لافتات ضد الحكومة الفرنسية والرئيس إيمانويل ماكرون الذي سارع إلى الترحيب بقرارات بوتفليقة.
وحمل المتظاهرون لافتة كبيرة كتب عليها “تبا لفرنسا ولعملائها” وهي عبارة منتشرة وسط الجزائريين لكل من لم يشارك في حرب التحرير ضد الاستعمار الفرنسي الذي دام 132 سنة (1830-1962).
وكتب على أخرى “يا فرنسا، 132 سنة من التدخل تكفي” و”نحن في 2019 وليس في 1830″ و”لا للنظام المدعوم من فرنسا”.
وفي إشارة الى أزمة السترات الصفراء التي تعيشها فرنسا منذ عدة شهور كتب متظاهر “ماكرون يساند بوتفليقة والجزائريون يساندون السترات الصفراء”.
ويعتبر حجم التظاهرات واتساعها غير مسبوق في الجزائر منذ وصول بوتفليقة إلى الحكم قبل عشرين عاما.
وكان بوتفليقة أعلن إرجاء الانتخابات التي كانت مقررة في 18 إبريل المقبل حتى نهاية أعمال “ندوة وطنية” يتم تشكيلها وتكون ممثلة لمختلف الأطياف الجزائرية وتعمل على وضع إصلاحات. وقال إن الندوة “ستحرص على أن تفرغ من مهمتها” في نهاية العام 2019، على أن تحدد انتخابات رئاسية بعدها.
وأزاح بوتفليقة رئيس الحكومة أحمد أويحيى، وكلف وزير الداخلية نور الدين بدوي تشكيل حكومة جديدة. كما عين رمضان لعمامرة نائبا لرئيس الوزراء.
وبذلك يكون الرئيس المريض البالغ من العمر 82 عاما، قد مدد ولايته الحالية من دون تحديد موعد الانتخابات جديدة.