انتهى الاقتراع الأصعب تنظيما فى الحياة الديمقراطية الموريتانية الحديثة التي يعتقد البعض أنها بدأت بتنظيم الانتخابات البلدية سنة 1986، بينما يزعم آخرون أنها إنما دشنت بالمصادقة على دستور 1991.
ورغم الاختلالات « الفاقئة للعيون » التي واكبت نشأة وتشكلة اللجنة المستقلة للانتخابات وما تبع ذلك من « الذي فيه ما يقال » كتشكيل الطواقم الفنية واختيار الأذرع المحلية فإن اللجنة وفقت إلى حد -فوق المتوسط- فى سلامة وفنية وحيادية تنظيم هذا الاقتراع.
وأسجل فى هذا المقام الملاحظات الخمسة التالية التى تعضد وتؤكد التقييم الإيجابي آنف الذكر حول تنظيم اللجنة المستقلة « للانتخابات ذات صناديق الاقتراع الخمسة ».
1-تنظيم الانتخابات بإشراف فني وإداري ورقابي موريتاني صرف:
أعتقد أنه مما يدعو لشيئ من الفخر والاعتزاز أن الانتخابات التي يجمع الموريتانيون على « ثقلها » وتعقيدها تم تنظيمها ألفا وياء بإشراف فني وإداري ورقابي موريتاني صرف (لا أجهل ولا أتجاهل وجود مراقبين من الاتحاد الإفريقي).
ويحسب إيجابا للجنة المستقلة للانتخابات أنها عبأت « الاكتفاء الذاتي » من الخبرة الإدارية والفنية ولم « تستنجد » بمساعدات ولا خبرات فنية أجنبية كما دأبت عليه « الدول المثيلة والشبيهة لنا تنمويا وديمقراطيا ».
2-تمويل الانتخابات ألفا وياء بأموال عمومية:
لقد تم تمويل هذه الانتخابات باهظة التكلفة المالية من المال العمومي الموريتاني ولا درهم ولا دينار فيها للأصدقاء ولا الشركاء وهي محمدةً كبيرة علينا جميعا أن نوفيها حقها ومستحقها من الإشهار والاعتزاز والاعتبار.
ويسجل إيجابا للحكومة الموريتانية أنها استطاعت تعبئة الأموال الضافية لتنظيم هذه الانتخابات رغم كساد المواد المصدرة وجفاف الطبيعة وفاتورة تنظيم القمة الإفريقية من غير لجوء إلى الاستعانة ولا الاستدانة من الغير.
3-إستقلالية « قضاء الانتخابات »:
لم تسلم الانتخابات من بعض الأخطاء الفنية غير المتواترة -إن لم أقل شبه المعزولة- خصوصا إبان الفرز وتحرير المحاضر وعند التسجيل والمعالجة المعلوماتية للنتائج في حق بعض الأحزاب والشخصيات الوازنة المعارضة والموالية على حد إن لم يكن سواء فهو غير شديد التفاوت.
ومبلغ علمي أنه كلما تظلم حزب ما فأحال طعونا وعرائض كانت موضع الدراسة والمتابعة العاجلة من طرف « قضاء الانتخابات » الذي أظهر إستقلالية ومهنية مطمئنة.
وأدت قرارات القضاء الانتخابي في غالبها إلى إعادة فرز الصناديق وتدقيق المحاضر واحتساب الأصوات المعبر عنها لكل طرف ولم أسمع بمشكك في مصداقية قرارات القضاء الانتخابي.
4-خلو الانتخابات من « الأخطاء غير الحميدة »:
مضت أيام خمسة على تنظيم الشوط الثاني والأخير من الانتخابات ولم أسمع رغم رصدي وترصدي عن تسجيل وتوثيق أحد الأطراف « لأخطاء غير حميدة » تصل حد الإخلال بمبنى ومعنى « الاستقامة الفنية لهذه الانتخابات ».
5- الانفتاح الإعلامي الجيد على « السلطة الرابعة »:
تميزت هذه « النسخة » من تنظيم الانتخابات بانفتاح إعلامي مشهود من طرف اللجنة المستقلة للانتخابات على وسائل الإعلام المستقلة مما زاد من اطمئنان المتنافسين والرأي العام على السلامة الفنية للعملية الانتخابية.