خطف الصراع القوي بين حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم في موريتانيا وأحزاب المعارضة، الأضواء من تنافس آخر جرى في صمت بين الحزب الحاكم وأحزاب أخرى من ائتلاف الموالاة الداعمة للرئيس محمد ولد عبد العزيز.
كان تنافس أحزاب الموالاة مع الحزب الحاكم صامتاً في الكثير من الأحيان، ولكنه شرس وخطير، ويحمل في طياته بعض مظاهر صراع الأجنحة داخل النظام الحاكم، كما شكل متنفساً للكثير من مغاضبي الحزب الحاكم.
الحزب الحاكم الذي تصدر المشهد بقوة في هذه الانتخابات، تمكنت أحزاب من ائتلاف الموالاة أن « تقهره » في عشرين دائرة انتخابية، ما بين بلدية ونيابية، واستطاع بعض هذه الأحزاب أن يحتل مواقع متقدمة في الخريطة السياسية التي سيُعاد رسمها بناء على نتائج الانتخابات الأخيرة.
من أبرز هذه الأحزاب الاتحاد من أجل الديمقراطية والتقدم الذي تقوده الوزيرة في الحكومة الحالية الناها منت مكناس، وهي وجه حكومي دائم منذ سنوات عديدة، بفضل النتائج المعتبرة التي حققها حزبها في الانتخابات الماضية.
تمكن الحزب الذي خاض حملة انتخابية « صامتة وهادئة » من أن يحتل المرتبة الثالثة في الانتخابات بشوطيها، بعد الحزب الحاكم وحزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية « تواصل » المعارض، ولكن الحزب وجد نفسه في مواجهة مباشرة مع الحزب الحاكم في أكثر من مرة.
استطاع الحزب المعروف اختصاراً لدى الموريتانيين باسم « UDP » أن ينتزع من الحزب الحاكم 7 بلديات في الشوط الثاني، من أبرزها بلدية كيهيدي، عاصمة ولاية غورغول، وبلديات مقامة وملزم تيشط التابعتين لنفس الولاية، بالإضافة إلى بلدية باكويدين في ولاية لبراكنة، وبلدية كوري في ولاية كيدي ماغه، وبلدية دغفك في لعصابة، وبلدية أم لحياظ في الحوض الغربي.
كان حزب الكرامة هو ثاني حزب في الموالاة يجد نفسه في مواجهة مباشرة مع الحزب الحاكم في الشوط الثاني، ولكن حزب الكرامة استطاع بفضل مرشحه القوي القاسم ولد بلال أن يقهر الحزب الحاكم في بلدية نواذيبو، ثاني أهم مدينة في البلاد، وعاد ولد بلال عمدة لنواذيبو في نهاية معركة انتخابية شرسة.
حزب الكرامة حقق أيضاً النصر في مواجهة الحزب الحاكم في بلديتي تاركنت أهل مولاي أعل وأدباي أهل كلاي، بمقاطعة أمبود في ولاية غورغول، مؤكداً بذلك قوة الهزائم التي لحقت بالحزب الحاكم في بلديات منطقة الضفة.
حزب الحراك الشبابي من أجل الوطن، الذي كثيراً ما يوصف بأنه توسعة فرعية للحزب الحاكم، انتزع هو الآخر من أخيه الأكبر بلديتي انيابينا وأدباي الحجاج التابعتين لمقاطعة امباني بولاية لبراكنة.
أما الحزب الوحدوي لبناء موريتانيا، الصاعد الجديد في هذه الانتخابات والمحسوب على جناح قوي داخل النظام، استطاع أن يلحق الهزيمة بالحزب الحاكم في الشوط الثاني في بلديتي كصر البركة وعدل بكرو، بولاية الحوض الشرقي.
أحزاب أخرى تنشط في ائتلاف الموالاة الداعمة للرئيس، حققت الانتصار في مواجهات مباشرة مع الحزب الحاكم في الشوط الثاني من الانتخابات، في مقدمتها حزب الفضيلة الذي كان يرأس ائتلاف أحزاب الموالاة، ولكن ذلك لم يمنعه من اختطاف بلدية لعوينات، التابعة لمقاطعة ولد ينج بولاية كيدي ماغا، من أمام الحزب الحاكم.
نفس الشيء فعله حزب السلام والتقدم الديمقراطي في بلدية أغورط، التابعة لمقاطعة كيفة بولاية لعصابه، وحزب المؤتمر الموريتاني في بلدية بنعمان 2، التابعة لمقاطعة العيون بولاية الحوض الغربي، والحزب الموريتاني للدفاع عن البيئة في بلدية أجريف، التابعة لمقاطعة النعمة، وحزب الوحدة والتنمية في بلدية ضو، التابعة لمقاطعة مقامة بولاية غورغول، وأخيراً حزب الجيل الثالث في بلدية الطواز، التابعة لمقاطعة أطار بولاية آدرار.
انتهت الانتخابات، وستبدأ الموالاة في ترتيب بيتها الداخلي، بعد أسابيع من التنافس المحموم، تنافس سيقود إلى إعادة صياغة لموازين القوة داخل هذا الائتلاف، استعداداً لمعارك سياسية ساخنة، سيكون مسرحها البرلمان، الذي يتوقع أن يكون الأكثر سخونة في تاريخ موريتانيا.