دخل حزب التحالف الشعبي التقدمي، الذي يعد واحداً من أعرق أحزاب المعارضة، في أزمة سياسية حادة بسبب الموقف من الشوط الثاني في الدوائر الانتخابية التي حصل فيها على المرتبة الثالثة خلف حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم وأطراف معارضة.
الحزب الذي دخل منذ عام 2011 في حوار مع السلطة أبعده عن معسكر المعارضة التقليدية، يجد نفسه في هذه الانتخابات مجبراً على الاختيار ما بين الحزب الحاكم ومعسكر المعارضة، اختيار يبدو أنه سيثير الكثير من الزوابع داخل أروقة الحزب المنهك بسبب الصراعات.
مصادر « صحراء ميديا » تتحدث عن مشاورات أجراها رئيس الحزب مسعود ولد بلخير، صباح اليوم الثلاثاء، مع رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز، هي التي أسفرت عن قرار قيادة « التحالف » بدعم حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم في جميع الدوائر الانتخابية التي يخوض فيها الشوط الثاني.
الحزب أصدر بياناً قال فيه إن مكتبه التنفيذي اجتمع اليوم واتخذ قراراً بدعم الحزب الحاكم، من دون أن يقدم أي مبررات لهذا القرار الذي يناقض تصريحات ولد بلخير خلال الحملة الانتخابية حين كان يحذر من حصول الحزب الحاكم على « أغلبية برلمانية » أكد آنذاك أنها ستقود لـ « مأمورية ثالثة ».
ولد بلخير في تصريح لـ « صحراء ميديا » بعد أن أدلى بصوته يوم السبت فاتح سبتمبر الجاري اتهم الحزب الحاكم بالتورط في عمليات تزوير، نفس الحزب الذي أعلن اليوم مساندته في الشوط الثاني من الانتخابات.
ولكن في المقابل تم تسريب مقطع صوتي لولد بلخير يتحدث فيه عن التطورات الأخيرة، ويوضح فيه ملابسات ما جرى، وخاصة حين يؤكد قائلاً: « لا أحد يطالبنا بدين، وما نقوم به سيكون بناء على تحاليلنا وتقديراتنا وتوقعاتنا، وتماشياً مع توجهاتنا الخاصة، وما نعتقد أن فيه مصلحة هذا البلد ومواطنيه ».
ورفض ولد بلخير في المقطع الصوتي دعم المعارضة انطلاقاً من موقف عاطفي، وقال: « المسائل القائمة على العاطفة والزمالة فنحن لا تؤثر فينا ».
ولد بلخير الذي بدا يتحدث بهدوء في المقطع الصوتي، استخدم عبارات قوية تجاه المنسق الجهوي للحزب في ولاية تيرس الزمور يعقوب ولد سالم فال، الذي سبق أن أعلن دعمه لتحالف المعارضة في الشوط الثاني، ووصف ولد بلخير المنسقَ بأنه « مغرور » و « متسرع » و « يحب الظهور ».
وكان ولد سالم فال، قد عقد مؤتمراً صحفياً مساء أمس الاثنين، أعلن فيه أنهم سيساندون تحالف حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية « تواصل » وحزب التحالف من أجل العدالة والديمقراطية / حركة التجديد، ضد حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم، في الشوط الثاني من بلديات ونيابيات وجهويات ازويرات.
وأوضح ولد سالم فال في خطاب أمام أنصاره أنه قرر مساندة حزب « تواصل » لأن الأخير يساندهم في دوائر انتخابية أخرى يخوضون فيها الشوط الثاني، مشيراً إلى أنه أجرى اتصالات مع مرشحي حزب التحالف الذين يخوضون الشوط الثاني في مدينتي روصو وسيلبابي، وأكدوا له أن حزب « تواصل » يعمل معهم في مواجهة الحزب الحاكم.
في غضون ذلك قال مراسل « صحراء ميديا » في مدينة روصو، إن الأجواء هناك « متوترة » منذ أن صدر قرار حزب التحالف بدعم الحزب الحاكم، إذ يخوض أحمد ولد صمب، مرشح حزب التحالف الشعبي التقدمي، الشوط الثاني في الانتخابات البلدية ضد الحزب الحاكم الذي قررت قيادة الحزب دعمه.
ونقل المراسل عن مصادر من حزب التحالف في المدينة قولها إنها « غير معنية » بالقرار الذي صدر عن قيادة الحزب في نواكشوط، وقال أحد المناضلين في الحزب إنهم مرتبطون باتفاق مع حزب « تواصل » وسيلتزمون به، وأضاف: « ها هم يعملون معنا لمواجهة الحزب الحاكم ».