يجمع العمال أعمدة الخيام التي كانت مضروبة في الشوارع المحيطة بالملعب الأولومبي، في قلب العاصمة الموريتانية نواكشوط، إنها الاستعدادات الأولى لدخول البلاد في يوم الصمت الانتخابي قبل التوجه إلى صناديق الاقتراع.
دقائق قليلة قبيل هذا الصمت، يصرخ أحد العمال على زميله ليطلب منه رص أعمدة إحدى الخيام بسرعة في حزمة واحدة، قبل وضعها في السيارة، فيما يعمل آخرون على طي الخيام، تلك الخيام التي احتضنت طيلة أسبوعين سهرات فنية وارتفعت من تحتها مكبرات الصوت بأغاني الدعاية الانتخابية.
تتناثر حول المكان صور المرشحين التي كانت معلقة، ومحمولة بالأيدي قبل ساعات، تُركت في الشوارع تسوقها الرياح إلى وجهات غير محددة، تتنازعها تيارات هوائية مختلفة في عدة اتجاهات، فبعد أربع وعشرين ساعة، ستسوق أصوات الناخبين هؤلاء المرشحين إلى داخل قبة البرلمان أو المجالس البلدية والجهوية، ولربما يكتفي بعضهم من غنيمة هذه الانتخابات بالمشاركة فقط.
العاصمة نواكشوط تحاول العودة تدريجيا إلى سابق عهدها، مع الدخول في فترة الصمت الانتخابي، بدأ الهدوء يتسلل إلى الأحياء، وحدة الصخب تتضائل شيئا فشيئا، وبدأت تتضح واجهات المعالم المميزة في المدينة واللافتات العملاقة، والشوارع والخيام، جميعها مغطاة بصور وأعلام المتنافسين في هذه الانتخابات، حتى كاد قلب العاصمة يلتبس على العارفين به.
بالقرب من قصر المؤتمرات وفي الشوارع المحيطة بالملعب الأولمبي وطريق نواذيبو، هنا كانت ذروة الحملة الانتخابية وسنام صخبها، ولكن الوضع تغير الليلة، فالشوارع تبدو سالكة على غير عادتها خلال الليالي الماضية، غابت الزحمة عند ملتقيات الطرق وقرب مقرات الحملات.
في الأحياء الشعبية كان الصخب أقل حدة في أيام الحملة، حتى لكأن هنالك فارق توقيت بين أحياء العاصمة، جاء بالصمت الانتخابي في بعضها قبل الآخر، فمعظم الساحات في عرفات والرياض كانت خالية منذ صباح الخميس، ولم ينتظر معظمهم ما بقي من ساعات الحملة.
الحمد لله على انتهاء « العياط »، كلمة يرددها أحد ركاب سيارة الأجرة المنطلقة زوال الخميس في رحلة اعتيادية من « مرصة كبتال » تجاه حي « دكان المنهل »، بالقرب من مستشفي الصداقة، في مقاطعة عرفات، بدا الرجل غاضبا من صخب هذه الحملة، فمكبرات الصوت كما يقول موجهة ليل نهار في اتجاه منزله.
كلمة الرجل فتحت حواراً بين ركاب سيارة الأجرة، فأحدهم بدا واضحاً أنه لا يتابع الأحداث، يسأل: « هل فعلا تنتهي الحملة هذه الليلة »، يجيبه الرجل « نعم تنتهي عند منتصف الليل »، تشعبت المواضيع في سيارة الأجرة من أجواء الحملة إلى كثرة المترشحين ومهرجاناتهم وجولة الرئيس واعتقال بيرام.