لا يضاهي حرص المرشحين في الانتخابات الموريتانية على كسب الأصوات، سوى تخوفهم من ضياع هذه الأصوات بسبب البطاقات اللاغية، فهذه الانتخابات التشريعية والمحلية والجهوية التي تترقبها موريتانيا في غضون أيام قليلة، توصف بأنها من أصعب الانتخابات التي مر بها البلد، من حيث تعقيد عملية التصويت.
الناخب الموريتاني في هذه الاستحقاقات، سيجد نفسه أمام وضع انتخابي جديد لم يألفه من قبل، لتعدد صناديق الاقتراع ( 5 صناديق)، وكثرة اللوائح المترشحة التي وصل عدد الوطنية منها في النيابيات إلى 97 لائحة، و87 لائحة خاصة بالنساء.
بالإضافة إلى تشعب اللوائح الانتخابية وكثرتها، يرى مراقبون أن الاكتفاء بالرمز للمرشحين بأحزابهم السياسية دون ذكر أسمائهم أو نشر صورهم على لوائح التصويت، يشكل أكبر عقبة دون سلاسة عملية الاقتراع وضمان سلامتها، مما قد يربك الكثير من الناخبين الذين يجهلون الأحزاب ولا يعرفون سوى وجوه مرشحيهم.
هذه العراقيل تعمل الأحزاب السياسية على تذليلها من خلال عمليات اقتراع تجريبية يقيمونها داخل مقراتهم الانتخابية، وينعشون بها سهراتهم الليلية، وينشرون مقاطع فيديو قصيرة تعرض كيفية التصويت على مواقع التواصل الاجتماعي.
في المقر الرسمي لحملة أحد مرشحي حزب تكتل القوى الديمقراطية، التقينا ببعض مناضلي الحزب، حدثونا عن مخاوفهم من صعوبة العملية الانتخابية، مما قد يؤدي إلى إلغاء الكثير من أصوات الناخبين، على حد تعبيرهم.
وأكد هؤلاء المناضلون أنه في محاولة منهم لتفادي هذه التخوفات عملوا على التعبئة من أجل توعية الناخبين بخصوص طرق ممارسة التصويت، وإن كانوا يرون أن الفترة الزمنية ضيقة، وفق تعبيرهم.
ويقول أحد الناشطين في حملة الحزب إنهم لاحظوا أن عملية التصويت معقدة حتى بالنسبة لبعض الشباب الواعي والمثقف، فمن باب أحرى نسبة الأميين الكبيرة في المجتمع الموريتاني، ويقول هذا الناشط: « عملية التوعية ضعيفة على مستوى نواكشوط، وتكاد تكون منعدمة على المستوى الوطني ».
يرى العديد من المراقبين أن حجم التجاذبات السياسية بين المعارضة والموالاة، وقوة التنافس بين المترشحين، كل ذلك صرف أنظار المتنافسين السياسين عن تعقيد عملية الاقتراع، ولم ينتبهوا لها إلا أخيرا في حين لم يبق من الوقت إلا القليل.
في غضون ذلك، يقول لنا أحد المواطنين ساخراً: « في هذه الانتخابات ستنتصر البطاقة اللاغية »، قبل أن يسألنا: « ألم تشاهدوا بطاقات التصويت ؟ إنها شريط ورقي طويل جداً والشعارات صغيرة الحجم، لا أ’عتقد أن أحداً سينجح في التصويت بشكل صحيح ».