في بداية التسعينيات من القرن الماضي، قدم الكاتب الموريتاني محمد فال ولد عبد الرحمن مسرحية “حفلة خطوبة”، يحكي فيها قصة عدة شخصيات تتسابق للفوز بخطبة « فتاة »، من ضمن المتنافسين تجار وسياسيون ودجالون ومثقفون، فأسقطت حينها على واقع البلاد التي كانت تدخل عالم التعددية السياسية.
لم يجد المتلقي الموريتاني آنذاك أي صعوبة في ربط النص بالواقع حينها، في ظل صراع على الفوز إما بالرئاسة في أول انتخابات رئاسية شهدتها البلاد، أو في الصراع على المقاعد البرلمانية أو المجالس البلدية.
اليوم وبعد مرور قرابة ثلاثة عقود، يسعى الممثل المسرحي « سالم دندو »، وهو أحد أبطال تلك المسرحية، لإقناع الناخبين بضرورة التصويت له في الانتخابات الحالية، التي دخلت حملتها الدعائية أسبوعها الثاني.
على غرار « دندو » يخوض ممثلون مسرحيون غمار الانتخابات البلدية والتشريعية والجهوية، بعضهم اعتزل المجال منذ سنوات وأحيانا عقود، غير أن أرشيفهم ما يزال متداولا، وبعضهم ما يزال وفياً لخشبة المسرح.
من أبرز هؤلاء الممثل المسرحي المعروف خلال حقبة التسعينيات « عبد الباقي ولد محمد »، الذي يخوض الانتخابات التشريعية سعياً لدخول البرلمان، وهو الذي بدأ مبكرا العمل السياسي، بعد تجربة في الصحافة المكتوبة، أعقبت اعتزاله التمثيل.
المخرج المسرحي « بابا ولد ميني » هو الآخر لم يفوت فرصة المشاركة في السباق الانتخابي، وهو الذي عاد إلى نواكشوط قادما من ليبيا مع مطلع الألفية الجديدة، ليساهم في مرحلة جديدة من تاريخ المسرح في موريتانيا، ويرأس حاليا جمعية المسرحيين الموريتانيين.
ولد ميني الذي قدم عدة أعمال مسرحية وتلفزيونية تمثيلاً و إخراجا، دفع بملفة في انتخابات المجالس الجهوية التي ستحل بدلًا عن مجلس الشيوخ الملغي بعد استفتاء أغسطس العام الماضي.
يطمح هؤلاء لنيل ثقة الناخب الموريتاني للفوز بالمقاعد التي تم ترشيحهم لها، فبعد سنوات من حجز الجماهير مقاعدها أمام خشبة المسرح أو شاشات التلفزيونات لمتابعة عروضهم، يعودون للعرض من جديد غير أنهم هذه المرة يعرضون البرامج الانتخابية، التي رفعت في غالبها “الثقافة” شعارا للنهوض بالمناطق التي ترشحوا فيها.