هدوء كبير في السوق المركزي بمدينة روصو، ولا جديد فيها سوى أن الشوارع والطرق الضيقة تغمرها السيول، وتمتزج فيها الطرق المعبدة والأتربة الطينية، في مشهد ألفه السكان خلال موسم الأمطار من كل عام.
وسط حالة من الهدوء والروتين استقبلت مدينة روصو الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، ولكن على الرغم من أنه قضى عدة ساعات في المدينة إلا أن معظم السكان لم يشعروا بأن « أعلى شخص في هرم الدولة » كان يتجول في مدينتهم الغارقة تحت السيول ووطأة العيش.
يقول محمدن، وهو عامل في محل لبيع الملابس الجاهزة في السوق المركزي: « لم أشعر بهذه الزيارة قبل الآن، رغم أهميتها الكبيرة ».
ويضيف محمدن أن الزيارة لم تنعكس على حركة البيع في السوق، وقال: « عادة ما نشهد إقبالاً على الملابس في هذا النوع من المناسبات ».
في المقابل يرفض المناضل في حزب الاتحاد من أجل الجمهورية المختار ولد محمد القبول بأن هنالك عدم اهتمام من الناس بزيارة الرئيس لمدينة روصو، معتبراً أن انشغال الناس أمر طبيعي.
ويقول ولد محمد إن « هذه زيارة خاصة بمناضلي الحزب الحاكم وقد انتدبت كل مقاطعة من يمثلها في لقاء الرئيس لإيصال رسالتها والاستماع إلى توجيهاته ».
ارتفعت حدة الخطاب السياسي، عندما تحدثنا مع الناشطين في صفوف المعارضة، إذ يرى محمد ولد سيدي، وهو ناشط في حزب تكتل القوى الديمقراطية، أن هذه الزيارة أهدافها « مكشوفة ».
وأوضح ولد سيدي وجهة نظره القائلة بأن الرئيس « يسعى للضغط على الأطر والوجهاء لدعم حزب الاتحاد من أجل الجمهورية، ومرشحيه في اللوائح التشريعية للسيطرة على البرلمان القادم من أجل تمرير أجنداته القادمة ».
ويرد المختار ولد محمد على اتهام ولد سيدي بالقول إن « ولد عبد العزيز هو مؤسس الحزب، وأول المنتسبين إليه، مما يجعله مناضلا في الحزب يحق للمرشحين عنه الحصول على دعمه سياسيا ».
وإن كانت النقاشات السياسية محدودة في المدينة، بسبب انشغال الناس بحياتهم اليومية، إلا أن مقر إقامة الرئيس وأماكن تواجد الناشطين في الحزب الحاكم كان ملتهباً بالحماس وأحاديث السياسة.
ولكن الرئيس في حديثه مع أطر الحزب والفاعلين فيه، خلال اجتماع بروصو، استحضر الوضع السيء الذي تعيشه المدينة وهو الذي ظل موكبه يتحرك ببطء وحذر وسط المدينة، من أجل تحاشي السيول التي أغرقت الشوارع.
وجه ولد عبد العزيز انتقاداته اللاذعة للعمد الذين تعاقبوا على المدينة، وقال إنهم وحدهم من يتحمل مسؤولية الوضع السيء الذي تشهده روصو، ووصف البلدية بأنها كانت بالنسبة لهم مجرد « محطة مرور شخصي ».
غادر ولد عبد العزيز مدينة روصو متوجهاً إلى مدينة ألاك، عاصمة ولاية لبراكنه، في سياق حملته الداعمة للحزب الحاكم، حملة أثارت الكثير من الجدل في موريتانيا.