تنظلق عند منتصف ليل الخميس/الجمعة، الحملة الدعائية للانتخابات التشريعية والبلدية والجهوية على عموم الترابي الموريتاني، وتشهد هذه الانتخابات إجراء خمس استحقاقات متزامنة؛ هي النيابيات بلوائحها الوطنية والجهوية والنسوية، وبالإضافة إلى المجالس البلدية والمجالس الجهوية.
رئيس اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات محمد فال ولد بلال وصف هذه الانتخابات بأنها « غير مسبوقة في المسار الديمقراطي للبلاد » الذي انطلق بداية تسعينيات القرن الماضي.
ثمانية وتسعون حزبا سياسيا منها المعارض والموالي، تشارك في هذه الانتخابات، فبعد منع الترشحات المستقلة خلال الحوار الذي جمع النظام مع بعض أحزاب المعارضة عام 2011، بدأت الأحزاب السياسية تستقطب المترشحين من داخلها وخارجها، كونها أصبحت السبيل الوحيد للراغبين في خوض المعترك الانتخابي.
الأحزاب الثمانية والتسعون، قدمت عددا غير مسبوق من اللوائح للتنافس على المقاعد الانتخابية في مختلف استحقاقات هذا الاقتراع، بلغت في مجملها 502 لائحة.
انقسمت اللوائح المتنافسة في هذه الانتخابات إلى 143 لائحة خاصة بالانتخابات البلدية، و67 لائحة تتنافس على المجالس الجهوية، التي حلت بدلا من مجلس الشيوخ الملغي بعد استفتاء أغسطس العام الماضي، و109 لائحة مقاطعية، و96 لائحة نيابية، و87 لائحة للنساء .
ورغم حجم التنافس الكبير في هذه الانتخابات، إلا أن الأجواء تبدو هادئة في العاصمة نواكشوط، التي تعد المسرح الأكبر للمتنافسين، فحتى زوال اليوم الخميس ما تزال الشوارع خالية من أي مظهر من مظاهر الاستعداد للحملة.
ولكن في المقابل كانت هذه الحملة الانتخابية قد بدأت منذ أسابيع في مواقع التواصل الاجتماعي، الساحة الجديدة للتنافس بين المترشحين، فظهرت صفحات تحمل أسماء المتشريحن وتعرض صورهم ومقاطع فيديو منهم يخاطبون فيها الناخبين.
من جانبها وجدت اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات نفسها أمام عدة عوائق، أبرزها غياب رئيسها السابق ديدي ولد بونعامة، لدواعي صحية، قبل أن يقدم استقالته ويتولي المنصب بعده القيادي السابق في المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة المعارض محمد فال ولد بلال.
أطلقت اللجنة عملية الإحصاء الإداري ذي الطابع الانتخابي، الذي تم إنجازه بالتعاون مع المكتب الوطني للإحصاء، لكنها وجدت نفسها مرة أخرى أمام حكم قضائي يلغي بعض القرارات التي اتخذتها « لتسهيل العملية »، وعلى الرغم من ذلك انتهى الإحصاء في موعده المحدد سلفا، وأسفر عن إعداد لائحة انتخابية ضمت مليونا و 400 ألف و663 ناخبا، تمت معالجتها ونشرها على موقع اللجنة.
وشهدت الأيام الأخيرة تقديم عدة تظلمات حول هذه اللائحة ومراكز الاقتراع، بعد أن وجد بعض الناخبين أسماءهم في مراكز غير التي سجلوا فيها أصلا، لدرجة أن عددا منهم تم نقله من نواكشوط مثلا إلى مراكز في أقصي الشرق أو الجنوب والوسط الموريتاني، فيما غاب الآلاف عن اللائحة رغم تسجيلهم عليها، ووجد آخرون أسماءهم في اللائحة دون أن يكونوا قد سجلوا أصلاً.
اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات قالت إنها « منفتحة على جميع الأحزاب السياسية المشارِكة في الاستحقاقات القادمة »، وأضاف رئيسها محمد فال ولد بلال أن اللجنة « على مسافة واحدة من الجميع »، موقع يبدو أنه لم يحمها من الانتقادات.
ولكن ولد بلال المفعم بالثقة قال: « نحن الآن بصدد التحضير للحملات الانتخابية ولدينا اتصال بكل الأحزاب السياسية وحوار مفتوح مع الجميع، خاصة فيما يتعلق بتمثيل الأحزاب في مختلف مكاتب التصويت ».
ولد بلال قال إن « بطاقة الناخب ستتم طباعتها في الخارج؛ نظرا لتوفر شروط الأمان كما سيتم استيراد صناديق الاقتراع الكافية لعدد المكاتب الذي تجاوز في هذه الانتخابات 4035 مكتبا انتخابيا؛ مضيفا أن عدد الناخبين يجب أن لا يتجاوز في المكتب الواحد 500 ناخب ».
ولكن هذه الانتخابية التي يمكن وصفها بأنها « خماسية الأضلاع » ستشكل تحدياً كبيراً للناخب الموريتاني، نظراً لتعقيداتها الناتجة عن العدد الكبير من المترشحين، ما يعني أن الناخب سيجد نفسه أمام قوائم كبيرة عليه أن يدقق فيها قبل أن يضع صوته في خمس صناديق مصفوفة أمامه، عملية لن تكون سهلة في بلد تنتشر فيه الأمية، ما يرفع من حظوظ البطاقة اللاغية في هذه الانتخابات.