أثارت تغريدة كتبها سيدي محمد ولد محم، رئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم، مخاوف عدد من الموريتانيين الرافضين لخرق الدستور من أجل فتح الباب أمام مأمورية رئاسية ثالثة للرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز.
وعلى الرغم من أن ولد عبد العزيز أكد في أكثر من مناسبة أنه لن يترشح لمأمورية ثالثة، إلا أن أعضاء في الحكومة وبعض المقربين منه ما يزالون يؤكدون بقاءه في السلطة، ومنهم من يتحدث عن تعديلات دستورية ما تزال قيد التحضير سيلعب فيها البرلمان المقبل دوراً محورياً.
وقبل أن نبدأ المنازلة الانتخابية، وبعد أن وضعنا كل شروط اللعبة وقواعدها، علينا أن نتعامل مع نتائجها والواقع السياسي الذي ستثمر كمشروعية وطنية أفرزتها صناديق الاقتراع، فالبرلمان القادم سيمارس كل صلاحياته الدستورية نيابة عن الأمة الموريتانية، وعلى القوى السياسية تقبل ذلك بصدر رحب.
— سيدي محمد ولد محم (@SMohamedMaham) 10 août 2018
رئيس الحزب الحاكم قال في تغريدة على موقع تويتر: « وقبل أن نبدأ المنازلة الانتخابية، وبعد أن وضعنا كل شروط اللعبة وقواعدها، علينا أن نتعامل مع نتائجها والواقع السياسي الذي ستثمر كمشروعية وطنية أفرزتها صناديق الاقتراع ».
ولكن الفقرة التي توقف عندها العديد من الموريتانيين، هي قوله إن « البرلمان القادم سيمارس كل صلاحياته الدستورية نيابة عن الأمة الموريتانية، وعلى القوى السياسية تقبل ذلك بصدر رحب »، وفق نص التغريدة.
التغريدة أصبحت حديث الموريتانيين على مواقع التواصل الاجتماعي، وعلق عليها عدد من الصحفيين والمدونين والناشطين، كان من أبرزهم الدكتور الشيخ ولد سيدي عبد الله الذي كتب: « هذا واضح.. ربما يعيد الأستاذ سيدي محمد ولد محم بهذه التغريدة فتح ملف المأمورية الثالثة ».
وأضاف ولد سيدي عبد الله أن « المريب هو كشف سيادته عن النية المبيتة للبرلمان القادم، فضح المخطط، هل هو أمر مقصود، أم طعم لاصطياد الانطباعات »، قبل أن يستدرك: « التغريدة تقول (عليكم بقبول قرار البرلمان القادم) وقطعا ليس هناك ما يُخشَى من البرلمان القادم أكثر من تشريع مأمورية ثالثة ».
في المقابل يقدم ولد سيدي عبد الله قراءة أخرى للتغريدة، معتبراً أنها ربما تكون « محاولة لتثبيت جسم الموالاة الذي أصابه الاهتراء بعد تصريحات الرئيس عزيز عن احترامه للدستور وعدم ترشحه لمأمورية ثالثة، حيث بدأ القفز من السفينة ومن كل الجهات ».
من جهة أخرى ذهب العديد من الناشطين في تعليقاتهم على التغريدة إلى مقارنتها بتصريحات الوزير الناطق باسم الحكومة محمد الأمين ولد الشيخ التي أدلى بها عدة مرات حول المأمورية الثالثة، وقال هؤلاء إن تغريدة ولد محم هي « مجرد تعبير يتصنع الحصافة عما عبر عنه وزير النطق بشأن عدم مغاردة الرئيس ».
ولكن في المقابل كانت هنالك تعليقات ترفض ربط التغريدة بأي تفسيرات تتعلق بالمأمورية الثالثة، من هذه التعليقات ذلك الذي كتبه محمدو سالم بوكه: « تغريدة الأستاذ سيدي محمد محم حثت على تقبل نتائج الاستحقاقات بروح رياضية، وأن ما سيترتب عليها يمثل إرادة الشعب الموريتاني، ولا داعي للبحث عن تفسيرات خارج مضمون نصها، فلا تذهبوا باستنتاجات من وحي الخيال ».
تغريدة الاستاذ سيدي محمد محم حثت علي تقبل نتايج الاستحقاقات بروح رياضية وأنما سيترتب عنها يمثل ارادة الشعب الموريتاني .ولاداعي للبحث عن تفسيرات خارج مضمون نصها ، فلا تذهبوا باستنتاجات من وحي الخيال.تدخل في محاكمة النوايا.
— محمدو سالم بوكه (@mohamedusalem) 10 août 2018
لم تتوقف ردود الفعل عند المدونين ورواد مواقع التواصل الاجتماعي، بل تجاوزتهم إلى المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، أكبر ائتلاف معارض في البلاد، الذي أصدر بياناً صحفياً يتكون من قرابة 400 كلمة للرد على تغريدة لا تزيد على 43 كلمة فقط.
المنتدى وصف التغريدة بأنها « كلمة باطل أريد بها باطل »، مشيراً إلى أن حديثه عن « وضع شروط اللعبة وقواعدها » وأنها « ستثمر مشروعية وطنية »، هو محاولة « لقلب حقائق يعرفها كل الموريتانيين ».
واستعرض منتدى المعارضة جملة الخروقات والمخالفات التي قال إنها شابت التحضير للانتخابات، معتبراً أنها دليل على « فساد الشروط والقواعد التي تأسس عليها هذا المسار ».
وخلص المنتدى إلى القول إن المسار الانتخابي الحالي « لا يمكن أن يثمر المشروعية الوطنية التي يدعيها رئيس حزب السلطة »، ملمحاً في السياق ذاته إلى أن النظام يهيء « لانقلاب دستوري نيابة عن الأمة الموريتانية ».