بقيت ساعات قليلة قبل أن تعلن السلطات المالية النتائج المؤقتة للشوط الأول من الانتخابات الرئاسية، ولكن هذه الساعات تمر في ظل حالة من « الشحن الإعلامي » ما بين معسكر الرئيس المنتهية ولايته إبراهيما ببكر كيتا، ومعسكر مرشحي المعارضة في الجهة المقابلة، يتقدمه زعيمها سوميلا سيسي.
وكانت المعارضة في مالي قد لجأت منذ عدة أيام للضغط الإعلامي، ولوحت بتحريك الشارع في حالة وقوع عملية تزوير في الانتخابات، وقالت إنها « لن تقبل بأي نتائج تشوبها خروقات ».
بينما حرك معسكر الرئيس المنتهية ولايته أذرعه الإعلامية، وأطلق حملة شرسة ضد رموز وقادة المعارضة، يتهمهم فيها بالعمل على « زعزعة الأمن والاستقرار ».
وصلت « الحرب الإعلامية » بين المعسكرين إلى أشدها مساء اليوم الخميس، عندما أصدر حاكم مدينة تمبكتو قراراً بإغلاق إذاعة خاصة، محسوبة على معسكر المعارضة.
وبحسب قرار صادر عن حاكم باماكو، تداولته الصحافة المحلية، فإن القرار يتعلق بإذاعة « رينوفو أف أم »، وذلك بعد اتهامها بأنها « تحرض على الثورة والكراهية »، وتم تنفيذ القرار مساء اليوم الخميس.
وجاء قرار إغلاق هذه الإذاعة الخاصة بعد برنامج إذاعي تم بثه يوم الثلاثاء الماضي، وكان يقدمه ناشط شبابي وسياسي يوصف بأنه من أكثر معارضي « كيتا » شراسة وقوة، بسبب تأثيره الواسع في أوساط الشباب.
يتعلق الأمر بشاب يدعى « محمد يوسفو باتيلي »، ويلقب نفسه بـ« راس باث »، يحمل شهادة في القانون، ولكنه تحول مؤخراً بسب نشاطه السياسي وبرامجه الإذاعية إلى « زعيم » في نظر نسبة كبيرة من الشباب في دولة مالي.
وصل الناشط الشبابي إلى ذروة شهرته شهر أغسطس من العام الماضي حين استقبله عشرات آلاف الماليين، لدى عودته من جولة في القارة الأوروبية، مستعرضاً قوته أمام قرار صادر عن المحكمة في باماكو بسجنه عاماً كاملاً بعد إدانته بتهمة « التحريض على مخالفة أوامر قوة الأمن ».
مزج « راس باث » في تحقيق شهرته خليطاً من العمل الصحفي والنضال الشبابي، مع استخدام ذكي لمواقع التواصل الاجتماعي، ولكنه اشتهر أيضاً بلهجته الحادة تجاه النظام الحاكم، والتي بدأت تصبح محل انتقاد من طرف بعض الماليين.
مع انطلاق الحملة الانتخابية الأخيرة كان « راس باث » في مقدمة داعمي زعيم المعارضة سوميلا سيسي، فيما تحدث الإعلام المحلي عن صفقة « مادية » ما بين الرجلين، ومن الواضح أن « سيسي » يراهن عليه في حالة دخول البلاد في أزمة ما بعد الانتخابات.
في المقابل كشف معسكر الأغلبية الرئاسية هو الآخر عن بعض أسلحته « الإعلامية » لمواجهة المعارضة، فنشرت صحف عديدة صادرة اليوم الخميس مقالات تهاجم المعارضة وتتهمها بمحاولة « تأزيم الوضع ».
وكشفت صحف ما قالت إنه « مخططات لزعزعة الاستقرار » تعمل عليها المعارضة من خلال تحريك الشارع، والتشكيك في حيادية المحكمة الدستورية التي اتهمت من طرف المعارضة بتلقي رشوة من الرئيس المنتهية ولايته.
في غضون ذلك حاولت المحكمة الدستورية تهدئة الوضع من خلال إصدار بيان صحفي قالت فيه إن هذه التهم « كاذبة »، وأكدت أنها على مسافة متساوية من جميع المرشحين.
كما حاولت بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في مالي أن تنأى بنفسها عن أجواء التأزيم السياسي، وقال رئيس البعثة محمد صلاح النظيف: « تنظيم الانتخابية من مسؤولية دولة مالي ».
وكانت البعثة الأممية قد لعبت دوراً مهماً في تنظيم الانتخابات الرئاسية في مالي، من خلال الدعم اللوجستي والمالي والأمني، ولكن رئيس البعثة أكد أن البعثة لا علاقة بها بنتائج الانتخابات.