طغت التحالفات السياسية على أجواء الاستعداد للانتخابات البلدية والجهوية التي ستشهدها موريتانيا فاتح شهر سبتمبر المقبل، وأغلق باب الترشح لها الليلة البارحة، ولكن هذه التحالفات كانت السلاح الذي رفعته أحزاب المعارضة في وجه حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم، الحزب الوحيد الذي لم يتحالف في أي دائرة انتخابية.
وبحسب ما أظهرته خريطة الترشحات للمجالس البلدية والجهوية، فإن أحزاب المعارضة هي الأكثر اعتماداً على التحالفات السياسية، ما مكنها من الحضور في الكثير من الدوائر الانتخابية، على الرغم من تمايزها في كتل سياسية متباينة.
وسبق أن وقعت كتلة من أحزاب المعارضة الديمقراطية، التي قاطعت الانتخابات السابقة، اتفاقية شكلت من خلالها ما سمته « التحالف الانتخابي للمعارضة الديمقراطية »، ضمنت من خلاله التحالف في الشوط الثاني والشعي نحو كشف ما قالت إنها « خروقات » قد تشهدها الانتخابات.
كما أن عدداً من أحزاب المعارضة المشاركة في الحوار مع السلطة، وقعت هي الأخرى اتفاقية تحالف سياسي، مكنتها من التقدم بلوائح ترشح مشتركة في العديد من الدوائر الانتخابية، للمجالس الجهوية بشكل أساسي.
المعلومات التي حصلت عليها « صحراء ميديا » تشير إلى أن أحزاب التحالف الشعبي التقدمي، برئاسة رئيس البرلمان السابق مسعود ولد بلخير، والوئام الديمقراطي الاجتماعي بقيادة الوزير السابق بيجل ولد هميد، والتحالف الوطني الديمقراطي، الذي يقوده النائب السابق يعقوب ولد امين، تقدمت بلوائح مشتركة في جميع الدوائر الانتخابية للمجالس الجهوية.
فيما نسقت أحزاب المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة، الذي يوصف بأنه أكبر ائتلاف معارض في موريتانيا، على مستوى لوائح الترشح للمجالس الجهوية، وقالت مصادر من داخل حزب اتحاد قوى التقدم، الذي يتولى الرئاسة الدورية للمنتدى، إنه تقدم بسبعة لوائح جهوية، من ضمنها 6 لوائح مشتركة مع بقية أحزاب المنتدى.
حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية « تواصل »، كان أكثر أحزاب المعارضة اعتماداً على نفسه، مع أنه لجأ في بعض الأحيان للتحالف مع بقية أحزاب المنتدى، إذ نجد أنه قدم 13 لائحة جهوية، من ضمنها 4 فقط بالتحالف مع زملائه في المعارضة.
أما التحالف السياسي الأكثر إثارة ما بين حزب الصواب البعثي وحركة « إيرا » الحقوقية، فقد تقدم بتسع لوائح جهوية مشتركة على المستوى الوطني، بالإضافة إلى 74 لائحة على مستوى المجالس البلدية.
وكان المشهد قد تعقد أكثر بسبب حالة الارتباك التي وقعت يوم أمس الجمعة ما بين اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات ووزارة الداخلية، والتي حسمتها المحكمة العليا برفض قرار تمديد فترة استقبال الترشحات.
وقد أثر ذلك بشكل واضح على العديد من الأحزاب، وأعاق ظهور العديد من التحالفات السياسية الأخرى، وقد تحدثت بعض الأحزاب عن ذلك مشيرة إلى أن الارتباك الذي تسببت فيه لجنة الانتخابات أثر عليها بشكل كبير.
وكانت شخصية سياسية من الحزب الحاكم، فضلت حجب هويتها، قد أكدت لـ « صحراء ميديا » أن قرار لجنة الانتخابات تسبب في منعها من الترشح للانتخابات.
وقالت هذه الشخصية إنها بعد أن رفض الحزب الحاكم ترشيحها أجرت بعض الاتصالات، وكانت ستتقدم بملف ترشح عبر أحد أحزاب الأغلبية، ولكن قرار اللجنة والتراجع عنه في اللحظات الأخيرة من مساء الجمعة، جعلها تفقد هذه الفرصة.
ويبدو واضحاً أن حالة الارتباك هذه قد منعت ظهور تحالفات سياسية عديدة، كانت تنتظر اللحظات الأخيرة قبل إغلاق الباب أمام استقبال ملفات الترشح، وأغلب هذه التحالفات كانت ستكون على مستوى أحزاب المعارضة التي قررت المشاركة قبل أيام فقط، وفق تعبير مصدر داخل صفوف المعارضة.
وما تزال اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات ستنظر في الملفات المطورحة أمامها للبت في إمكانية ترشحها، وعرضها على مسطرة قانونية قبل اعتمادها بشكل نهائي.