ثارت خلافات حادة داخل أروقة حزب اتحاد قوى التقدم المعارض بسبب تصريحات رئيس الحزب محمد ولد مولود بخصوص العلمانية، والتي اعترض عليها بعض شباب الحزب وعبروا عن ذلك في بيان صحفي، أثار غضب ولد مولود ليطالب بمعاقبة هؤلاء الشباب بسبب « عدم التزامهم الحزبي ».
وشهد الحزب المحسوب على اليسار في موريتانيا، خلال الأيام الماضية، نقاشات حادة بعد أن طالب ولد مولود بضرورة اتخاذ أقسى العقوبات ضد هؤلاء الشباب، أو اعتذارهم العلني عن اعتراضهم على تصريحاته.
وبرر ولد مولود طلبه للحزب بما قال إن الشباب خالفوا النظم الحزبية وأبدوا موقفاً في العلن كان من الضروري أن يبقى داخل أروقة الحزب.
ولكن مطالبة ولد مولود واجهت معارضة قوية من جناح داخل الحزب، اعتبر أن مواقف الرأي والتعبير عنه لا تمكن المعاقبة عليها.
وقال هذا الجناح إنه إذا كان من الضروري معاقبة هؤلاء الشباب فيجب أن يتم ذلك داخل الإطار الضيق للحزب، ولا يتم الإعلان عن ذلك للرأي العام الوطني.
وأمام تمسك الطرفين بموقفهما في هذه القضية تم اقتراح اللجوء إلى التصويت، من أجل الحسم بخصوص الطلب الذي تقدم به محمد ولد مولود، ولكن الطرف المدافع عن الشباب رفض اللجوء للتصويت وانسحب من النقاش.
وفيما يقود ولد مولود الجناح المطالب بمعاقبة الشباب، يوجد الأمين العام للحزب محمد المصطفى ولد بدر الدين داخل الجناح المدافع عنهم.
وكانت مجموعة من الشباب قد أطلقت خلال الأشهر الماضية، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حملة دعت فيها إلى تطبيق العلمانية في موريتانيا، وهي الحملة التي علق عليها ولد مولود بالقول إن تطبيق العلمانية في موريتانيا هو دعوة للفتنة واستفزاز لمشاعر الموريتانيين، وقال إن موريتانيا لا تحتاج للعلمانية.
وأصدرت مجموعة من شباب حزب اتحاد قوى التقدم بياناً دعت فيه ولد مولود إلى الاعتذار لهم عن تصريحاته، ووصفوها بأنها تدخل في سياق « حالة التردي الفكري والكسل المعرفي التي تعتري الساحة السياسية في موريتانيا ».
وقال الشباب في بيانهم إن استغربوا أن تصدر هذه التصريحات من رئيس حزبهم « الذي عرفناه مناضلاً شجاعاً في الصفوف التقدمية، ومثقفاً عضوياً بالمفهوم الغرامشي مشتبكاً بالجماهير ».
وخلص الشباب في بيانهم إلى القول: « إننا كيساريين نناضل في صفوف اتحاد قوى التقدم الذي يرأسه محمد ولد مولود، لا يمثلنا ما قاله رئيسنا حول العلمانية بل ونعتبر أنفسنا علمانيين، وإذا كان الرئيس يرى أننا دعاة فتنة فليعلم أننا نرى عكس ما يرى وماضون في ذلك ».
وتأتي هذه الخلافات لتصب النار على زيت تباين الآراء داخل أروقة الحزب بخصوص الترشحات للمناصب الانتخابية في الاقتراع المقبل، إذ يدعو جناح داخل الحزب إلى عدم ترشيح الوجوه التي سبق ترشيحها من طرف الحزب والدفع بوجوه جديدة.
ولكن هذا الموقف يواجه معارضة قوية من أطراف عديدة في الحزب، ترى أن عامل الخبرة مهم، وأن الحزب قائم على الخبرة والتجربة ولا يمكنه المغامرة بوجوه جديدة لا تملك الخبرة.